اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 388
من بغضك وأسأله عز وجل محبة ذلك الشخص وغيره من أحبائه وأوليائه وأصفيائه والصالحين من عباده. لتكون موافقاً له عز وجل، وكذلك أفعل بمن تحبه يعني أعرض أعماله على الكتاب والسنة فإن كانت محبوبة فيهما فأحببه، وإن كانت مبغوضة فأبغضه كيلا تحبه بهواك وقد أمرت بمخالفة هواك قال عز وجل: " ولا تتبع الهوى فيُضلَّك عن سبيل الله (ص، آية: 26) [1]. وهكذا ومن خلال تلك الآداب فإننا نرى أن الشيخ عبد القادر الجيلاني لم يجعل من التصوف حالة انفصال عن المجتمع الذي يعيش فيه الإنسان لأن كماله وسمو اخلاقه لا تبرز بمجرد حصوله على المعارف العلوم وإنما تظهر في حالة احتكاكه ومخالطته وتعامله بمن يعيش معهم في المجتمع بمختلف فئاته وطبقاته وهو المحك الذي يظهر الإنسان على حقيقته ولذا كان لا بد من مراعاة تلك الآداب حتى تنصلح الأحوال وتتقارب القلوب [2].
سابعاً: الأحوال والمقامات:
1 - التوبة: قال ابن عباس رضي الله عنهما: التوبة النصوح هي الندم بالقلب، والاستغفار باللسان والإقلاع بالبدن والإضمار على ألا يعود [3]، كان الشيخ عبد القادر الجيلاني يركز عليها ويهتم بشأنها؛ قال العلامة أبو الحسن الندوي: ظهر في بغداد رجل قوي الشخصية قوي الإيمان قوي العلم قوي الدعوى قوي التأثير هو الشيخ عبد القادر الجيلاني فجدَّد دعوة الإيمان والإسلام الحقيقي والعبودية الخالصة وحارب النفاق وفتح باب البيعة والتوبة على مصرعيه يدخل منه المسلمون يجددون العهد والميثاق مع الله تعالى [4]. والشيخ عبد القادر الجيلاني يعتبر التوبة باب الدخول على الله سبحانه لنيل رضوانه في الدنيا والآخرة فينبغي اغتنامها وعدم تفويت فرصتها يقول: اغتنموا باب التوبة وادخلوا ما دام مفتوحاً لكم [5]، ويبين أن المهم ليس التوبة فحسب ولكن المهم هو الاستمرار والثبات عليها فيقول: تب واثبت على توبتك فليس الشأن في توبتك الشأن في ثبوتك عليها ليس الشأن في غرسك الشأن في ثبوته وتغصينه وثمرته [6]. قد جعلها بمنزلة الماء الذي تزول به نجاسة الذنوب وقذارة المعاصي إذ يقول: يا غلام لا تيأس من رحمة الله بمعصية ارتكبتها بل أغسل نجاسة ثوب دينك بماء التوبة والثبات عليها والإخلاص فيها [7].
وعن التائبين يصنف الشيخ عبد القادر الناس في التوبة إلى ثلاثة أصناف: توبة العوام وتوبة [1] فتوح الغيب للجيلاني، المقالة العادية والثلاثون ص 75. [2] الشيخ عبد القادر الجيلاني ص 535، 536. [3] التعريفات للجرجاني ص 95. [4] رجال الفكر الدعوة نقلاً عن الشيخ عبد القادر ص 597. [5] الفتح الرباني للجيلاني، المجلس الرابع ص 18. [6] الشيخ عبد القادر الجيلاني ص 597. [7] الفتح الرباني، المجلس الثالث عشر ص 48.
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 388