responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 126
وخرج الأمر عن الضبط، وخاف السلطان في داره وقال ما الخبر؟ فقيل إن الناس قد ثاروا حيث لم ترسل العساكر إلى الغزاة فقال: أحضروا القاضي ابن الشهرزوري. قال: فحضرت عنده وأنا خائف منه، إلا أنني قد عزمت على صدقه وقول الحق.
فلما دخلت قال: يا قاضي ما هذه الفتنة؟ فقلت: إن الناس قد فعلوا هذا خوفاً من الفتنة والشر ولاشك أن السطان لم يعلم كم بينه وبين العدو، وإنما بينكم نحو أسبوع، وإن أخذوا حلب انحدروا إليكم في الفرات وفي البر، وليس بينكم بلد يمنعهم عن بغداد، وعظمت الأمر عليه حتى كأنه ينظر إليه؛ فقال: فخرجت إلى العامة ومن انضم إليهم، وعرفتهم الحال وأمرتهم بالعود فعادوا وتفرقوا، وانتخبتُ من عسكره عشرة آلاف فارس من خيار العسكر، وكتبت إلى الشهيد أعرفه الخبر وأنه لم يبق غير المسير: وأجدد استئذانه في ذلك فأمرني بتسييرهم والحث على ذلك، وعبرت بالعساكر الجانب الغربي، فبينما نحن نتجهز للحركة، وإذا قد وصل نجًّاب من الشهيد يخبر بأن الروم والفرنج رحلوا عن حلب خائبين لم ينالوا منها غرضاً، ويأمرني بترك استصحاب العساكر؛ فلما خاطبت السلطان في ذلك أصّر على إنفاذ العساكر إلى الجهاد وقصد بلاد الفرنج وأخذها وكان قصده أن تطأ عساكره البلاد ويملكها، ولم أزل أتوصل مع الوزير وأكابر الدولة حتى أعدت العساكر إلى الجانب الشرقي وسرت إلى الشهيد (1)
ويتضح لنا مما تقدم مدى بعد نظر القاضي كمال الدين الشهرزوري وحكمته وفطنته لما يدور حوله، حيث استطاع أن يكشف مكنون نفس السلطان مسعود، وبحسن تصرفه في الموقفين في توفير الجيش عند الاحتياج له وصرفه عند انتفاء الحاجة إليه أنقذ عماد الدين زنكي من مأزق خطير كان من الممكن أن يقع فيه إذ وصلت عساكر السلطان إلى الشام في ذلك الوقت بعد رحيل البيزنطيين والصليبيين عن حلب ويكفي هنا أن نوضح أهمية وجود القاضي كمال الدين في دولة عماد الدين زنكي أن نذكر تعقيب ابن الأثير على ما قام به هذا الفقيه مع السلطان مسعود، إذ يقول: فانظر إلى هذا الرجل الذي هو خير من عشرة آلاف فارس، رحم الله الشهيد، فلقد كان ذا همة عالية ورغبة في الرجال ذوي الرأي والعقل، ويرغبهم ويخطبهم في البلاد ويوفر لهم العطاء [2] إن عماد الدين زنكي، ثبت الله ملكه بالعلماء، فقد جاء إلى حكم الموصل بسبب آرائهم، وانقذه الله من إنقلاب محقق على يديهم، وأبعد الله عنه أطماع السلطان مسعود بسبب حنكة العلماء وذكائهم من أمثال القاضي كمال الدين الشهرزوري ولهذا كانت لكمال الدين مكانة خاصة عند عماد الدين

(1) مفرج الكروب (1/ 80،81) ..
[2] دور الفقهاء والعلماء المسلمين في الشرق الأدنى ص 112.
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 126
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست