responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 125
استرحتم وأخذتم شيزر وغيرها، ولم يكن له بهم قوة وإنما كان يرهبهم بهذا القول وأشباهه [1]. وعندما أشار الفرنجة على الإمبراطور بالاستجابة لمنازلة عماد الدين قال لهم: أتظنون أن معه من العساكر من ترون وله البلاد الكثيرة، وإنما هو يريكم قلة من معه لتطمعوا فيه، إنما يريد أن تلقونه فيجيئه من نجدات المسلمين مالا حد له [2].
* طلب النجدة من مختلف المناطق: ومن الجدير بالذكر أن عماد الدين زنكي قد أرسل في طلب النجدة من مختلف المناطق، فأرسل إلى القاضي كمال الدين أبا الفضل محمد بن عبد الله بن القاسم الشهر زوري إلى السلطان مسعود بن محمد بن ملكشاه يستنجده ويطلب منه العساكر فقال القاضي لعماد الدين حين أرسله: أخاف أن تخرج البلاد من أيدينا ويجعل السلطان هذا حجة علينا وينفذ العساكر، فإذا توسطوا البلاد ملكوها. فقال عماد الدين: إن هذا العدو قد طمع في البلاد، وإن أخذ حلب لم يبق بالشام إسلام وعلى كل حال فالمسلمون أولى من الكفار بها [3]. وهذا الموقف درس عملي من عماد الدين للقادة السياسيين والعسكريين في الولاء والبراء قال تعالى: " يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض، ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين " (المائدة: 51). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله والمعاداة في الله والحب في الله والبغض في الله ([4]
وكم ضاعت من بلاد المسلمين قديماً وحديثاً بسبب ضياع هذا المبدأ العقائدي المهم في حياة الأمة قال القاضي كمال الدين: فسرت طالب بغداد وجدت في السير، فلما وصلت بغداد وحضرت قدام السلطان وأديت الرسالة بإنفاذ العساكر، وأنا أخاطب ولا أزاد على الوعد شيئاً فلما رأيت قلة اهتمام السلطان بهذا الأمر العظيم أحضرت فلاناً وهو فقيه كان ينوب عني في القضاء - فقلت له: خذ هذه الدنانير وفرقها في جماعة من أوباش بغداد والأعاجم، وإذا كان يوم الجمعة وصعد الخطيب المنبر بجامع القصر قاموا وأنت معهم واستغاثوا بصوت واحد: وإسلاماه؛ ودين محمداه ويخرجون من الجامع ويقصدون دار السلطان مستغيثين ثم وضعت إنساناً آخر فعل ذلك في جامع السلطان؛ فلما كانت الجمعة وصعد الخطيب المنبر قام ذلك الفقيه وشق ثوبه وألقى عمامته عن رأسه وصاح وتبعه ذلك النفر بالصياح والبكاء، فلم يبق في الجامع إلا من قام وبكى، وبطلت الخطبة، وسار الناس كلهم إلى دار السلطان؛ وقد فعل أولئك الذين بجامع السلطان مثلهم، فاجتمع أهل بغداد وكل من بالعسكر عند دار السلطان يبكون ويصرخون ويستغيثون

[1] الكامل في التاريخ (8/ 750).
[2] الكامل في التاريخ (8/ 740).
[3] مفرج الكروب (1/ 79).
[4] صحيح الجامع الصغير (2/ 343) ج 2536 ..
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 125
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست