اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 439
لقد كان للصراع بين البابا أينوسنت الرّابع والإمبراطور فريدريك الثاني أثرً واضحاً في الشرق تعدَّى الإمارات الفرنجية إلى الممالك الأيُّوبية، فبعد فشل الحملة الخامسة، حملة البارونات على مصر، مباشرة، أصدر مجمع ليون 642هـ/1245م قراراً بتوجيه حملة جديدة لكنَّ انشغالَّ البابا بالصراع مع فريدريك جعله يُوجَّه هذه الحملة ضدَّه، لذِلك لَعنَهُ، وحرمه كنسيا وعدّه ملحداً، ليستحقَّ أن تتوجَّه حملة صليبية ضدَّه، فأخذ البابا التبرُّعات المالية للحملة الصليبية واستخدمها ضدَّ فريدريك [1]. إن صراع البابوية َّ ضدَّ فريدريك كان مُنَّبهاً لكثير من الفُرسان والنُّبلاء الأوروُبيين لاستغلال البابويةَّ لهم فقد رفض البارونات الإنكليز - صراحة - الاشتراك في الحملة التي دعا إليها مجمع ليون، وقال هنري الثالث ملك إنكلترا لمبعوث البابا، إن وُعَّاظ الحملة يخدعون الشعب، ولن نسمح لهم بعد ذلك، وحتى في أوساط اللاهوتيين إرتفعت أصوات المعارضة للحملات الصَّليبيَّة نحو فلسطين، فقد صّرح اللاهوتي رادولف نيفر قائلاً: من الجُنون التدخل في شؤون فلسطين حين تتعرَّض المسيحيَّة في الغرب لخطر الهرطقة، وقال: أيُّ معنى لتحرير القدس من المسلمين حين يتجذَّر الكفر في أرض الوطن وكان الشاعر المغنَّي الجّوال الفرنسي ريمون جوردان يتغنىَّ في إحدى قصائده قائلاً: إن ليلة مع الحبيبة أفضل من جميع أطايب الجنَّة، يُوعَد بها المشارك بحملة صليبية، أمَّا الشاعر الجَّوال بيرود، فكان يتغنَّى بمقطع يقول فيه:
من صلاح الدَّين شبعنا ... أرض الوطن عزيزة على الناس [1] العلاقات الدولية في عصر الحروب الصليبية (2/ 266).
اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 439