اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 438
إن هذه الذُّنُوب التي يُعددَّها البابا لفريدريك تُعطينا فكرة واضحة عن نظرية البابوية إلى المسلمين وإلى التعامل معهم، ومدى الحقد والكراهية التي كانت تزرعها البابويَّة في نفوس المسيحيين الأوروبيين لتدفعهم ضَّد المسلمين في حملات ظاهرها الدفاع عن الدَّين وباطنها إعلاء سُلطة البابويَّة وزيادة ممتلكاتها وثرواتها، فقد وظفَّ علاقته بالمسلمين من خلال السلطان الكامل ليتقوَّى شعبياً في أوروبا ضَّد البابا، ولم يخسر فريدريك من علاقته بالسلطان الكامل، بقدر ما ربح في أوساط الشعوب الأُورُوبية، التي كانت تتملل من ظُلم البابوات، وانحرافهم الواضح عن مهامَّهم الدَّينيَّة وانغماسهم بأمور الحكم والسياسة فقد ساعد فرديريك في وُقُوفه بوجه البابوّية الخيال الشعبي الأُورُوبي، الذي اعتبره خلفاً لبربروسا، ومُحرَّراً للضريح المقدس وصحيح أن البابويَّة حرمته كَنسيَاً، واعتبرته مُهرطقاً ومُجحفاً وحانثاً بالقسم، لكن فريدريك حرم البابويّة من ثرواتها، ومن كثير من أملاكها، فتحوَّل في الخيال الشعبي الأُورُوبي إلى شخصية تُعاقب رجال اللاهوت في أيام الدُّنيا الأخيرة؛ أما في ألمانيا فقد اعتبر المُخلصّ ضدَّ ظلم الكنيسة، لذلك ردَّ البابا بوضع كُلَّ ألمانيا تحت الحرمان، وردَّ على البابا الوُعاَّظ المتجوَّلون الذين أعلنوا البابا أنوسنت الرّابع شرَّيراً إلى درجة أن حرمانه لا يعني شيئاً، وأن البابا والأساقفة مُهرطقين، وطلبوا مِن الناس الصلاة للإمبراطور فريدريك وإبنه كونراد الصالحين الكاملين [1] معاً. [1] السعي وراء الفترة الألفية السعيدة فورمان كوهين الموسوعة الشاملة (4/ 143).
اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 438