اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 440
وتعدَّى الأمر إلى التفكير في أُورُوبة بشرعية الحملات أصلاً، فنقدوها بشكل لاذع، وعبَّر الشاعر الجوّال الألماني فولغرام فون إيشتنباخ عن رأي عدد من الفُرسان حين قال: إنه من المشكوك فيه أن يكون من العدل قتل أتباع الأديان الأخرى، إضافة إلى أن الصراع بين البابويَّة والإمبراطوُر قد مزّق إيطالية وألمانيا [1] وأمَّا إنكلترا، فقد حزم ملكها هنري الثالث أمره بعدم المشاركة في أيَّ حملة، ودفع للبابا أنوسنت الرّابع ليس لإعفائه من السفر بنفسه فقط، بل لمنع الإنكليز كافَّة من الإبحار الشَّرق، وفرض حراسة مُشدَّدة على شواطئ بلاده لمنع أيَّ صليبي من المغادرة، أمّا الحملة الفرنسية نحو مصر، فلم تتّم إلا بضغط شديد يُشبه الهَوَس من قِبل لويس التاسع ملك فرنسا إن البابويَّة وازنت بين مصالحها في أوُرُوبة وما تُحقَّقه الحملات إلى الشرق، فتبيَّن لها أن الكفّة تميل بشدة نحو أورُوبا إضافة إلى المقاومة التي كانت تلقاها فكرة الحملات الجديدة أما الوعَّاظ البابويون؛ فقد طوَّروا أُسلُوبهم في الدعوة، ولأن الجانب المالي من رسالتهم هو المهُمُّ، لذلك غفروا خطايا من يتبرَّع بالذهب والفضَّة كفداء لنفسه في الاشتراك الشخصي بالحملة، أما البابا، فكان تطويره لأفكار الحملات وأهدافها أكبر من ذلك، فقد أعلن: أن القُدْس لم تعد هدف الحملة [2]، فهو يريد تحقيق مشاريعه السياسية والعسكرية أولاً فالهدف السياسي للبابا أزاح بسُهولة الهدف الدَّيني للحملة، ولذلك عندما قام لويس التاسع بحملته الصليبية على مصر لم يقم البابا بأيَّ خُطوة إيجابية لمساعدته، فقد كان البابا يخوض حربه الصَّليبَّية الخاصَّة ضدَّ فريدريك وانشغل - تماماً - عن القديس لويس ([3])، [1] الصليبيون في الشّضرق، زاباروف ترجمة إلياس شاهين ص 305. [2] العلاقات الدولية في عصر الحروب الصليبية (2/ 267). [3] العلاقات الدولية في عصر الحروب الصليبية (2/ 267) ..
اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 440