اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 26
رابعاً: تآمر الملك العادل على الأفضل:
استغل العادل هذه الفرصة للتدخل في شؤون أبناء أخيه، لتعزيز وضعه على الأرض، فغادر قلعة جعبر إلى دمشق ودخلها قبل عودة الأفضل علي من حلب [1] وبما عُرف عنه من مكر ودهاء راح يبذر بذور الشقاق بين صاحب مصر وأمرائه من الأكراد والأسدية الذين كانوا على جفاء معه بسبب ميله إلى الصلاحية واتفق معهم على نبذ طاعته والدخول في طاعة حكام بلاد الشام [2]، كاتب الملك العزيز سراً يخوفه من الأسدية ويغريه بإبعادهم، وكاتب الأسدية بالتنفير من الملك العزيز وتخويفهم منه واستمالهم إليه، فاستوحش الملك العزيز من الأسدية واستوحشوا منه، فكانوا إذا لقوه عرفوا في وجهه التنكر، وعرف في وجهوههم بمثله وتمادى الأمر إلى أن تمكن الخوف منه في قلوبهم والخوف منهم في قلبه، ولما تمكن الاستيحاش منهم، عزموا على مفارقته وحسَّنوا ذلك للأكراد المهرانية فوافقوهم عليه [3]، فلما علم الملك العزيز بذلك، فما تحلل ولا تزعزع من مكانه، ولا أظهر أرتياعاً لما وقع من هذه الحادثة، بل ثبت مكانه، فقالت الأمراء: الصلاحية دعنا نتبعهم ونقاتلهم ونتركهم عبرة للمعتبر [4]. فقال لهم الملك العزيز: لا تُرهبُوهم واتركوهم يذهبوا أين شاءوا لعلنا نصفو من كدرهم، وهذا ليل، ولا يُؤمَنُ فيه الاختلاط، ولا يَعرف الإنسان فيه صديقه من عدوه والأولى الأخذ بالحزم والاحتياط [5]. [1] الكامل لابن الأثير (9/ 492). [2] تاريخ الأيوبيين في مصر وبلاد الشام ص 234. [3] مفرج الكروب (3/ 47). [4] مفرج الكروب في أخبار بني أيوب (3/ 48). [5] المصدر نفسه (3/ 48).
اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 26