اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 226
لقد كان أسلوب الصليبيين في دمياط بربرياً همجياً، متخلفاً بعيد عن الحضارة والقيم الإنسانية النبيلة، كان لسقوط دمياط أبلغ الأثر في نفوس المسلمين، مما جعلهم يتكاتفون لصّد الخطر الداهم وإجلاء المعتدين في الوقت الذي استعّد فيه الصليبيون للزحف نحو القاهرة للاستيلاء عليها وتحقيق الهدف الأسمى للحملة، وهكذا أضحى العالم الإسلامي في الشرق الأدنى مطّوقاً بخطر المغول من الشرق والصليبيين من الغرب، الأمر الذي دفع المؤرخ ابن الأثير للتعبير عن حزنه قائلاً: ولقد بُلي الإسلام والمسلمون في هذه المدة بمصائب لم يُبتل بها أحد من الأمم، منها هؤلاء التتر قبحهم الله، أقبلوا من المشرق، ففعلوا الأفعال التي يستعظمها كل من سمع بها ... ومنها خروج الفرنج، من المغرب إلى الشام، وقصدهم ديار مصر، وملكهم ثغر دمياط منها، وأشرقت ديار مصر والشام وغيرها على أن يملكوها [1].
3 - ذيول سقوط دمياط: كان من أثر الصدمة التي أصيب بها العالم الإسلامي بسقوط دمياط، أن تدفق الناس على المساجد يتضَّرعون إلى الله أن ينصرهم على أعدائهم، وأدرك الملك الكامل محمد أن المهمة الملقاة على عاتقه ثقيلة، وأن مسؤوليته أصبحت أخطر من قبل وبدأ يُخطَّط من جديد، لدفع خطر الصليبيين عن مصر قبل أن يستفحل، وتصَّرف على أربعة محاور:
أ- بادر بإرسال السفراء إلى بغداد، لحثَّ الخليفة الناصر لدين الله على الدعوة للجهاد، ودفع المسلمين إلى حمل السلاح للدفاع عن الإسلام، فكتب الخليفة إلى الأمراء المسلمين لنجدته، لكن تصرفه وقف عند هذا الحد، وربما كان منهمكاً في تتبُّع أخبار الزحف المغولي باتجاه غربي آسيا الأمر الذي منعه من إرسال العساكر إلى مصر، تاركاً الجبهة الموجهة للمغول مفتوحة [2]. [1] تاريخ الأيوبيين ص 312. [2] السلوك نقلاً عن تاريخ الأيوبيين ص 313.
اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 226