اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 195
- أما الأول فأعلموا أني كنت رجلاً محباً للعلم، فكنت أكتب في كل شيء شيئاً لا أقف على كمّية وكيفيهّ، سواء كان حقاً أو باطلاً أو غثّا أو سميناً، إلا أن الذي نظرته في الكتب المعتبرة لي، أن هذا العالم المحسوس تحت تدبير مدبر، منزّه عم مماثلة المتحيزات والأعراض وموصوف بكمال القدرة والعلم والرحمة.
- ولقد اختبرت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية، فما رأيت فيها فائدة تساوي الفائدة التي وجدتها في القرآن العظيم، لأنه يسعى في تسليم العظمة والجلال بالكلية لله تعالى، ويمنع عن التعمق في إيراد المعارضات والمناقضات، وما ذاك إلا العلم بأن العقول البشرية تتلاشى وتضمّحل في تلك المضايق العميقة، والمناهج الخفية.
- فلهذا أقول: كل ما ثبت بالدلائل الظاهرة من وجوب وجوده ووحدته وبراءته عن الشركاء في القدم والأزلية، والتدبير والفعالية، فذاك هو الذي أقول به، وألقى الله تعالى به.
- وأما ما انتهى الأمر فيه إلى الدقة والغموض، فكل ما ورد في القرآن، والأخبار الصحيحة، المتفق عليها بين الأئمة المتبعين للمعنى الواحد، فهو كما هو، والذي لم يكن كذلك، أقول:
- يا إله العالمين، إني أرى الخلق مطبقين على أنك أكرم الأكرمين، وأرحم الراحمين، فكل ما مرَّ به قلمي، أو خطر ببالي، فأستشهد علمك، وأقول: إن علمت مني أني أردت به تحقيق باطل، أو إبطل حق، فأفعل بي ما أنا أهله وإن علمت مني أني ما سعيت إلا في تقرير ما أعتقدت أنه هو الحق، وتصورت أنه الصدق، فلتكن رحمتك قصدي لا مع حاصلي، فذاك جهد المقّل، وأنت أكرم من أن تضايق الضعيف الواقع في الزلة فأغثني وأرحمني، واستر زلتي، وامحُ حوبتي، يا من لا يزيد ملكه عرفان العارفين ولا ينتقص بخطأ المجرمين [1].
- وأقول: ديني متابعة محمد سيد المرسلين، وكتابي هو القرآن العظيم وتعويلي في طلب الدين عليهما. [1] هو السلطان محمد علاء الدين تكشن - تلميذ الفخر الرازي.
اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 195