كلها فهذا باطل يخالفه إجماع الأمة, فما زال الصحابة ومن بعدهم ينكرون على من خالف أو أخطأ كائنا من كان, ولو كان أعلم الناس وأتقاهم, وإذا كان الله قد بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق وأمرنا باتباعه وترك ما خالفه, فمن تمام ذلك أن من خالفه من العلماء مخطئا نبه على خطئه وأنكر عليه.
وإن أريد بمسائل الاجتهاد مسائل الخلاف التي لم يتبين فيها الصواب1, فهذا كلام صحيح لا يجوز للإنسان أن ينكر الشيء لكونه مخالفا لمذهبه أو لعادة الناس, فكما لا يجوز للإنسان أن يأمر إلا بعلم لا يجوز أن ينكر إلا بعلم, وهذا كله داخل في قوله تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} 2"3.
وهذه القاعدة قد استفاضت بها كتب أهل العلم في الفقه وأصوله, قال السيوطي رحمه الله:" القاعدة الخامسة والثلاثون: لا ينكر المختلف فيه وإنما ينكر المجمع عليه"4.
قال الحجاوي المقدسي رحمه الله: "....فيحكم كل واحد باجتهاده وليس للآخر الاعتراض عليه ولا نقض حكمه"5.
وهي نفسها القاعدة الأصولية المعروفة: " الاجتهاد لا ينقض بمثله"6.
1-من غيره.
2-سورة الإسراء آية 36.
3-مؤلفات محمد بن عبد الوهاب – القسم الثالث- فتاوى ومسائل الإمام محمد بن عبد الوهاب ص 33 باختصار يسير.
4-الأشباه والنظائر في قواعد وفروق فقه الشافعي ص 292, تحقيق محمد المعتصم بالله البغدادي, ن دار الكتاب العربي, - بيروت – لبنان- ط/1"1407هـ-1987م".
5-الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل 4/367, تعليق عبد اللطيف محمد موسى السبكي- ن دار المعرفة- بيروت لبنان, انظر كشاف القناع على متن الإقناع 6/292.
6-شرح القواعد الفقهية ص 1036 الشيخ أحمد الزرقاء نسقه وراجعه وصححه د. عبد الستار أبو غدة- ن دار الغرب الإسلامي – ط/1" 1403هـ-1983م".