"ويكفينا في تضعيف أحاديث الجهر [بالبسملة في الصلاة] إعراض أصحاب الجوامع الصحيحة والسنن المعروفة والمسانيد المشهورة المعتمد عليها في حجج العلم ومسائل الدين.
فالبخاري (رحمه الله) ... لم يودع صحيحه منها حديثاً واحداً، ولا كذلك مسلم (رحمه الله) ... [وهذا] أبو داود والترمذي وابن ماجة، مع اشتمال كتبهم على الأحاديث السقيمة والأسانيد الضعيفة، لم يخرجوا منها شيئاً. فلولا أنها عندهم واهية بالكلية لما تركوها" اهـ.
نصب الراية 1/ 355 (بتصرف).
ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[16 - 06 - 02, 08:41 ص]ـ
جزاك الله خيرا يا شيخ هيثم ... ولكن حتى تكتمل هذه النظرية يجب أن نبرر اهتمام
المحدثين القدماء بجمع الغرائب، وتسابقهم في روايتها، حتى إنهم ألفوا فيها مؤلفات
خاصة تنم عن اطلاع وتوسع ...
كما أن معيار الغرابة مختلف جدا بين العلماء، فالإمام مالك استغرب حديث البيعان
بالخيار واعتبره مخالفا لعمل أهل المدينة ومن ثم لم يعمل به، وبعضهم استغرب حديث
جلسة الاستراحة واعتبره أمرا غريبا على صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم.
وبعضهم اعتبر حديث ابن عباس في صحيح مسلم في عدم إيقاع الثلاث طلقات غريبا
ومن ثم اعتمد الجمهور الوقوع وجعلوه هو المشهور ..
فهل تكلم أحد من أهل العلم في معايير الاستغراب أم أن الأمر متروك لسعة اطلاع
كل محدث على حدة؟ سلمتم.
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[19 - 06 - 02, 07:24 ص]ـ
للرفع. والبحث في سؤال الشيخ رضا.
أحسن الله إليكم.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[19 - 06 - 02, 07:43 ص]ـ
الحديث الغريب معناه معروف في كتب مصطلح الحديث.
قال الترمذي في علله (مطبوع على هامش السنن ج5) (ص758): وما ذكرنا في هذا الكتاب حديث غريب فإن أهل الحديث يستغربون الحديث لمعانٍ. رُبَّ حديثٍ يكون غريباً لا يُروى إلا من وجهٍ واحد.
مثل ما حدث حماد بن سلمة عن أبي العشراء عن أبيه قال قلت يا رسول الله أما تكون الذكاة إلا في الحلق واللبة فقال لو طعنت في فخذها أجزأ عنك فهذا حديث تفرد به حماد بن سلمة عن أبي العشراء ولا يعرف لأبي العشراء عن أبيه إلا هذا الحديث وإن كان هذا الحديث مشهورا ثم أهل العلم وإنما اشتهر من حديث حماد بن سلمة لا يعرف إلا من حديثه فيشتهر الحديث لكثرة من روى عنه. مثل ما روى عبد الله بن دينار عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء وعن هبته وهذا حديث لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن دينار رواه عنه عبيد الله بن عمر وشعبة وسفيان الثوري ومالك بن أنس وابن عيينة وغير واحد من الأئمة وروى يحيى بن سليم هذا الحديث عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر فوهم فيه يحيى بن سليم والصحيح هو عبيد الله بن عمر عن عبد الله بن دينار عن بن عمر هكذا روى عبد الوهاب الثقفي وعبد الله بن نمير عن عبيد الله بن عمر عن عبد الله بن دينار عن بن عمر وروى المؤمل هذا الحديث عن شعبة فقال شعبة لوددت أن عبد الله بن دينار أذن لي حتى كنت أقوم إليه فأقبل برأسه
فهذه الغرابة في الإسناد.
والغرابة في المتن تكون في حديث لا يعمل به الفقهاء.
قال مالك: شرّ العلم الغريب وخير العلم الظاهر الذي قد رواه الناس
قال علي بن الحسين: ليس من العلم ما لا يُعرف، إنّما العلم ما عُرف وتواطأت عليه الألسُن
ولذلك وصف أحمد الذين يأخذون بالغرائب بقلة الفقه. قال: تركوا الحديث وأقبلوا على الغرائب، ما أقلّ الفقه فيهم
فالفقيه قادر على معرفة المتن الغريب من غيره.
ولذلك استنكر بعض العلماء حديث من ضرب أباه فاقتلوه بأن أحداً من الفقهاء لم يعمل به!
ومن أهم الدلالات على غرابة الحديث، خلو الصحيحين والسنن منه! وقد تقدم كلام الزيلعي في نصب الراية. خاصة إذا علمنا أن أبا داود مثلاً قد حرص على جمع الأحاديث الفقهية حتى الكثير من الضعيف منها.
أما عن حديث الطلاق ثلاثاُ فهذا الاستغراب من عمل المتأخرين، وقد رد عليهم ابن القيم بما هم أهله
وأما حديث البيعان بالخيار فقد عده مالك منسوخاً بسبب مخالفته لعرف تجار أهل المدينة. وأثبت ابن حزم أن بعض علماء المدينة قالوا بغير ذلك، فبطل ادعاء الإجماع. ولكن تأوله أبو حنيفة بأن الانتهاء من العقد والاتفاق عليه هو الافتراق الوارد في الحديث. وهذا فيه نظر، لأنه لن يكون معنى للحديث في تلك الحالة. لأنه قبل الانتهاء من العقد والاتفاق عليه، فكل واحد له الخيار في إلغاءه. وهو معارض لآثار عن الصحابة كذلك. والله أعلم.
¥
اسم الکتاب : أرشيف ملتقى أهل الحديث - 2 المؤلف : ملتقى أهل الحديث الجزء : 1 صفحة : 63