responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 72
فإذا حصل الاستبدال على المحور الرأسي انتقل الكلام من الإيفاء بالغرض المقصودإلى عدم الإيفاء به، وهذا يعني أن لكل معنىً اللفظ الخاص به، والألفاظ تترتب ترتيب المعاني في النفس، والنشاط اللغوي غير المحسوس يتحول إلى نشاط لغوي محسوس، تحت رعاية الاحتياج المعنوي وعلامات أمن اللبس.
سادسا:

الاختيار بين الماضي والمضارع
يعبر القراّن الكريم عن المضارع بلفظ الماضي، وعن الماضي بلفظ المضارع، حيث يحصل العدول عن أصل الاختيارمن أجل الهدف المعنوي، وذلك كما في الأمثلة التالية:
قال تعالى" أتى أمر الله فلا تستعجلوه ......... "وهذه الاّية استبدال لجملة" .......... يأتي أو سيأتي أمر الله فلا تستعجلوه،
ولكن عدل عن أصل الاختيار من أجل التنبيه على تحقق الوقوع، وكأن القادم قد حصل بالفعل.
وقال تعالى"لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم" وهذه الاّية استبدال لجملة:" لو أطاعكم في كثير من الأمر لعنتم"،ولكن عدل عن أصل الاختيارمن أجل الدلالة على الاستمرار، أي: لو استمر على إطاعتكم لهلكتم،وعكسه قوله تعالى ((فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ)) عدول بالفعل جادلنامن الماضي إلى المضارع للدلالة على استمرار المفاوصات
وهذا يعني أن الاختيار نابع من الحاجة والأهمية المعنوية عند المتكلم في الأصل وفي العدول عن الأصل، والإنسان يتحدث تحت رعاية الاحتياج المعنوي وعلامات أمن اللبس.

سابعا

اختلاف المتعاطفات

تتحكم الحاجة المعنوية عند المتكلم في العطف بين الكلمات والجمل المختلفة في المعنى والزمن،وإليك هذه الأمثلة:-
قال تعالى"وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة (البقرة 83)
جاء بالفعل المضارع "لا تعبدون"بدلا من فعل الأمر"اعبدوا"، وهو خبر بمعنى الطلب وهو آكد كما يقول الزمخشري، وكأنهم أمِروا وامتثلوا للأمر، وللدلالة على الاستمرارية، ثم عطف عليه المصدر، بدلا من "وبالوالدين أحسنوا" للدلالة على تكثير الإحسان إلى الوالدين،لأن المصدر يدل على الحدث غير المرتبط بزمن،وقدّم شبه الجملة على المصدر للتخصيص، ثم جاء بأفعال أمر "قولوا" و"أقيموا"و"آتوا" من أجل الحث والحض على فعلها.
كما قال تعالى" ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون" (البقرة189) عطف فعل الأمر "وأتوا" و"اتقوا" على الماضي "اتقى" للحث والحض على الأمر،بدلا من " أتى"و"اتقى""،وقال تعالى عن الطير" صافات ويقبضن " عطف الفعل المضارع على المفرد،لأن الفعل يدل على الحركة والمفرد يدل على السكون والثبات،فجاء لكل وضع بما يناسبه من معنى.
وقال تعالى عن الخيل: فالمغيرات صبحا*فأثرن به نقعا * عطف جملة الفعل الماضي على اسم الفاعل المفرد، للدلالة على حركة الغبار. وشبيه بهذا قول من قال "فأوهيت عليه فأضربه بالسيف " عطف المضارع على الماضي لنقل أو حكاية الحدث كما هي، ولإفادة الاستمرارية.
فالإنسان يتثقف لغويا ويقول وهو يفكر ويفكر وهو يقول تحت رعاية الحاجة المعنوية على المحورين:الرأسي والأفقي، واللغة لا ضابط لها غير الأهمية المعنوية والاحتياج المعنوي وعلامات أمن اللبس.

اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 72
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست