اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 71
وقال تعالى "يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي " فجاء بالفعل عند حديثه عن الحي لأن الحي يتحرك عند خروجه والفعل فيه حركة،وعند الحديث عن الميت جاء بالاسم للدلالة على السكون والثبات،فالإنسان يتحدث تحت رعاية الحاجة المعنوية وعلامات أمن اللبس.
رابعا
اختلاف صيغة المبتدأ
يذكر الله سبحانه وتعالى في سورة الروم بعض الاّيات الدالة على البعث والقدرة الإلهية،وذلك في الاّيات من (20 - 25) حيث يقول عز وجل:"ومن اّياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون*ومن اّياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لاّيات لقوم يتفكرون*ومن اّياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لاّيات للعالمين*ومن اّياته منامكم بالليل والنهاروابتغاؤكم من فضله إن في ذلك لاّيات لقوم يسمعون*ومن اّياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزّل من السماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها إن في ذلك لاّيات لقوم يعقلون*ومن اّياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون*صدق الله العظيم.
في الآيات الكريمة السابقة عدة أمور، منها:.
1 - تنوعت صيغة المبتدأ في الاّيات السابقة وذلك بحسب الحاجة المعنوية، وقد جاءت على الشكل التالي:
في الاّية (20) قال تعالى:"ومن اّياته أن خلقكم من تراب ........ " فجاء بالمبتدأ على صيغة المصدر المؤول المكون من (أن +الفعل الماضي) في إشارة إلى خلق أبينا اّدم،ثم تناسل الخلق منه من الماضي إلى الحاضر، وقد جاء المبتدأ على صيغة الفعل التي تدل على التجدد والحدوث بسبب استمرارية الحدث وهو عملية الخلق.
وفي الاّية (21) قال تعالى:"ومن اّياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا ...... "في إشارة إلى خلق أمنا حواء في الماضي، ثم تناسلت النساء منها، فجاء بالمبتدأ على صيغة الفعل لأن فعل التزاوج مستمر،فعبر عن ذلك بصيغة الفعل التي تدل على التجدد والحدوث بسبب استمرارية الحدث وهو عملية الزواج.
وفي الاّية (22) قال تعالى"ومن اّياته خلق السموات والأرض .... "فجاء بالمبتدأ على صيغة الاسم الظاهرالذي يدل على الثبات لأن عملية الخلق حدثت مرة واحدة.
ثم قال تعالى في الاّية (23):"ومن اّياته منامكم بالليل والنهار .... " فجاء بالمبتدأ على صيغة الاسم الظاهر الذي يدل على الثبات، لأنه يتحدث عن النوم كظاهرة تشبه الموت ثم تحصل الحياة وابتغاء الفضل وهي شبيهة بالبعث،والموت والحياة يحصلان للمرء مرة واحدة.
وفي الاّية (24) قال تعالى:"ومن اّياته يريكم البرق خوفا وطمعا"
فجاء بالمبتدأ على صيغة الفعل المضارع الذي يفيد الحدوث والتجدد، بسبب استمرارية فعل الرؤية للبرق على مر الزمن.
وفي الاّية (25) قال تعالى:"ومن اّياته أن تقوم السماء والأرض بأمره .... "فجاء بالمبتدأ على صيغة المصدر المؤول المكون من (أن + الفعل المضارع) للدلالة على استمرارية قيام السماء بغير عمد واستمرارها على هذه الحالة على مر الزمن،وفي هذا دلالة واضحة على القدرة الإلهية. وقد اختار سبحانه وتعالى في كل اّية الصيغة المناسبة والأكثردلالة من غيرها لأداء المعنى المناسب والدال على قدرته الإلهية.
خامسا:
الخبر المفرد والخبر الجملة
يقول الجرجاني:"وإذا أردت أن تعتبره، أي: الفرق في المعنى بين الصيغ في الخبر، حيث لا يخفى أن أحدهما لا يصلح في موضع صاحبه فانظر إلى قوله تعالى (وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد) (الكهف18) فإن أحدا لا يشك في امتناع الفعل ههنا، وأن قولنا: كلبهم يبسط ذراعيه"لا يؤدي الغرض، وليس ذلك إلا لأن الفعل يقتضي مزاولة وتجددالصفة في الوقت، ويقتضي الاسم ثبوت الصفةوحصولها من غير أن يكون هناك مزاولة وتزجية فعل، ومعنىً يحدث شيئا فشيئا، ولا فرق بين:وكلبهم باسط، وبين أن يقول: وكلبهم واحد، مثلا، في أنك لا تثبت مزاولة ولا تجعل الكلب يفعل شيئا، بل تثبته بصفة هو عليها، فالغرض إذن تأدية هيئة الكلب.
فالكلام اختيار وتأليف بحسب الأهمية، والإنسان يتحدث بحسب الحاجة المعنوية،هكذا:
(1) (وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد (يفي بالغرض)
(2) (وكلبهم يبسط ذراعيه بالوصيد (لايفي بالغرض)
¥
اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 71