اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 515
والمعنى هو النهي عن الأول فقط، ويكون الفعل المضارع تشرب مرفوع والواو تدل على الاستئناف أي تكون الجملة بعد الواو غير معطوفة على ما قبلها بل يبتدئ بها بحكم جديد أي لا تأكلْ سمكًا، ولكَ أن تشربَ لبنًا. وليست هذه الوجوه خاصة بهذه الجملة بل هي مثال يصدق على غيره.
مثل: لا تأكلْ وتضحك، فإن نصبت (تضحك)، كان المعنى النهي عن الجمع بين الأكل والضحك لما قد يسبب له من اختناق، وأن جزمت كان المعنى النهي عن كل واحد منهما أي لا تأكل، ولا تضحك، فمتى فعل المخاطب واحدًا من الأمرين فقد وقع في النهي، وإن رفعت كان المعنى النهي عن الأكل فقط، وإباحة الضحك أي ولك أن تضحك.
(شرح النص)
ومضمرةً جوازًا بعدَ عاطِفٍ مسبوقٍ باسمٍ خالصٍ نحوُ: ولبسُ عَبَاءَةٍ وتقرَّ عَيْنِي، وبعدَ اللامِ نحوُ: (لِتُبَيِّنَ للنَّاسِ)، إلا في نحوِ: (لِئَلَّا يَعْلَمَ)، (لِئَلَّا يَكُونَ للنَّاسِ)، فتَظْهرُ لا غيرُ، ونحوِ: (ومَا كانَ اللهُ لِيُعَذِبَهُم)، فَتُضْمَرُ لا غيرُ، كإضمارِها بعدَ حتى إذا كانَ مستقبلًا، نحوُ: (حتى يرجِعَ إلينا مُوسى)، وبعدَ أوْ التي بمعنى إلى، نحو: لأسْتَسْهِلَنَّ الصَّعْبَ أوْ أُدْرِكَ المنى، أو التي بمعنى إلَّا نحو: وكنتُ إذا غَمَزْتُ قَنَاةَ قومٍ ... كسرتُ كُعُوبَها أو تَسْتَقِيما، وبعدَ فاءِ السبَبِيَّةِ، أو واوِ المعيَّةِ مسبوقتينِ بنفيٍ محضٍ أو طلبٍ بالفعل نحوُ: (لا يُقْضَى عليهِمْ فَيَمُوتُوا)، (ويَعْلَمَ الصَّابرينَ)، (ولا تطغَوْا فيه فَيَحِلَّ)، ولا تأكُلِ السمكَ وتشربَ اللبنَ.
......................... ......................... ......................... ......................... ....................
شرع يتكلم على مواضع إضمار أنْ فقال: (ومضمرةً جوازًا) لا وجوبا بحيث يصح ظهور أَنْ (بعدَ) حرف عاطف وهو: الواو، الفاء، ثم، أو، دون بقية حروف العطف لعدم السماع (مسبوقٍ) ذلك العاطف (باسمٍ خالصٍ) أي ليس فيه شبه الفعل وهو الاسم الجامد كالمصدر والأعلام وأسماء الذوات مثل ضربٍ، زيدٍ، رجلٍ (نحوُ: ولبسُ عَبَاءَةٍ وتقرَّ عَيْنِي) هذا شطر بيت لامرأة اسمها ميسونُ بنتُ بَحْدَلٍ وهي زوجة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، أم يزيد، كانت امرأة من أهل البادية فتزوجها معاوية ونقلها إلى الحاضرة فكانت تشتاق إلى أهلها وباديتها، فقالت: ولُبسُ عباءةٍ وتقرَّ عينِي ... أحبُّ إليَّ مِنْ لُبْسِ الشُّفُوفِ، أي أن ألبس عباءة من صوف غليظ وتقر عيني بذلك أحبّ إلي من لبس الشفوف أي الملابس الرقيقة الناعمة، والشاهد فيه: أن الفعل المضارع تقرَّ وقع بعد حرف عاطف هو الواو مسبوق ذلك الحرف باسم خالص وهو لبسُ وهو مصدر، فينصب المضارع بأن مضمرة جوازا، وأن المضمرة وما دخلت عليه في تأويل مصدر معطوف على الاسم الخالص والتقدير: ولبسُ عباءةٍ وقرةُ عيني أحبُ إليَّ (وبعدَ اللامِ) هذا هو الموضع الثاني من مواضع إضمار أن وهو أن يقع المضارع بعد اللام الجارة (نحوُ: لِتُبَيِّنَ للنَّاسِ) قال تعالى: (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) لتبين: اللام حرف جر للتعليل: تبينَ: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة جوازا، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت، ولكن جواز إظهار أنْ مشروط بأن لا يكون المضارع مقرونا بـ لا فإنه حينئذ يجب إظهار أَنْ، مثل: سأزورُكَ اليومَ لأْن لا تغضبَ، فاللام هي لام التعليل وأنْ حرف نصب ولا حرف نفي مهمل وتغضبَ مضارع منصوب بأنْ الظاهرة. فهنا يجب إظهار أن ولا يجوز أن تقول سأزوركَ اليومَ للا تغضبَ، (إلا في نحوِ: لِئَلَّا يَعْلَمَ) قال تعالى: (لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ) فهنا المضارع يعلم منصوب بأن ظاهرة وجوبا لاقتران لام التعليل بلا فقوله تعالى (لئلَّا) أصله: لأنْ لا، فأدغمت النون في اللام أي لأَنْ لا يعلمَ أهلُ الكتابِ، ولا هنا زائدة للتوكيد أي يصح المعنى مع سقوطها والمقصود هو ليعلم أهل الكتاب (لِئَلَّا يَكُونَ للنَّاسِ) قال تعالى: (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ) أي لأن لا يكونَ للناسِ، وهنا لا نافية. (فتَظْهرُ
¥
اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 515