اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 1918
الصحيحُ أن (الكَلِمَ) اسمُ جنسٍ جمعيٌّ على المختارِ، لدلالته وضعاً على الماهيةِ من حيثُ هي في الذهنِ كحقيقةٍ كليةٍ لا بالنظرِ إلى الأفرادِ في الخارجِ، وقال الجرجانيُّ وغيرُه: بل هو جمعٌ، ورُدَّ بأن الغالبَ في اسمِ الجنسِ الجمعيِّ تذكيرُه، كما قال ابنُ مالكٍ هنا ((واحده كلمةٌ))، والغالبَ على الجمعِ تأنيثه كرجالٍ، وقيل: اسمُ جمعٍ، ورُدَّ: بأنّ (الكلمَ) له واحدٌ من لفظه، والغالبَ على اسمِ الجمعِ خلافه.
وقيل: اسمُ جنسٍ إفراديٌّ، ورُدَّ: بأنّ (الكلمَ) يُفَرَّقُ بينه وبينَ واحدِه بالتاءِ، بخلافِ اسمِ الجنسِ الإفراديِّ.
• عودُ الضميرِ على لفظةِ (الكلمِ):
بالنظرِ إلى لفظِ (الكلمِ) يجوزُ في ضميرِه العائدِ التأنيثُ ملاحظةً للجمعيةِ، والتذكيرُ على الأصلِ – وهو الأكثرُ – وجاء في القرآنِ ((إليه يصعدُ الكلمُ الطيبُ)) ولم يقلْ: تصعدُ، وقوله ((يحرفونَ الكلمَ عن مواضعِه)) فلو كانَ مؤنثاً لقال: مواضعها.
وأما اسمُ الجنسِ الجمعيُّ لا بالنظرِ للفظةِ (الكلمِ) وإنما من حيثُ هو باعتبارِ مرجعِ الضميرِ، فيه ثلاثةُ أحوالٍ، فمنه: ما يجبُ تذكيرُه ولا يجوزُ تأنيثُه كغنمٍ، ومنه: ما يجبُ تأنيثُ ضميرِه ولا يجوز تذكيرُه كبطٍّ، ومنه: ما يجوزُ في ضميرِه الأمرانِ كبقرٍ وكَلِمٍ، ويعرفُ هذا بالرجوعِ إلى لسانِ العربِ.
• الفرقُ بينَ اسمِ الجنسِ الجمعيِّ والإفراديِّ:
حقيقةُ اسمِ الجنسِ الجمعيِّ هو الذي يُفَرَّقُ بينه وبينَ واحدِه بالتاءِ غالباً، بأن تكونَ التاءُ في المفردِ لا في الجمعِ، نحوُ: كلمةٍ جمعُها كلمٌ، وشجرةٍ جمعُها شجرٌ، وبقرةٍ جمعُها بقرٌ، وقد يكونُ العكسُ مثلَ: كَمْأٍ وكمأةٍ فالتاءُ هنا جاءت في الجمعِ، وقد يكونُ الفرقُ بينهما بالياءِ، نحوُ: زنجٍ وزنجيٍّ، ورومٍ وروميٍّ.
وأما اسمُ الجنسِ الإفراديُّ فهو ما يصدُقُ على القليلِ والكثيرِ، فيدلُّ على الماهيةِ بقطعِ النظرِ عن القلةِ أوالكثرةِ، نحوُ: ماءٍ، فتنظرُ إلى الكأسِ وتقولُ: هذا ماءٌ، وتنظرُ إلى البحرِ وتقولُ: هذا ماءٌ، ونحوُ: ترابٍ، وزيتٍ.
• معنى (الكلمةِ) لغةً:
الكلمةُ لها معنىً لغويٌّ واصطلاحيٌّ، فالمرادُ بها في لسانِ العربِ: الجملُ المفيدةُ، فالجملةُ إن كانت واحدةً أو متعددةً صحّ إطلاقُ الكلمةِ عليها، قال تعالى ((وكلمةُ اللهِ هي العليا)) وهي: لا إله إلا الله، وهذه جملةٌ اسميةٌ، وقوله ((تعالوا إلى كلمةٍ سواءٍ بيننا وبينكم ..)) ما هي؟ ((أن لا نعبدَ إلا الله ..)) وهذه جملةٌ فعليةٌ، وقوله ((كلا إنها كلمةٌ هو قائلها ..)) إشارةٌ إلى قوله ((ربِّ ارجعونِ ..)) وما عُطِفَ عليه، فهذه جملٌ، وجاء في الصحيحينِ ((الكلمةُ الطيبةُ صدقةٌ)) وهي: سبحانَ اللهِ ونحوُ ذلك، وأفضلُ كلمةٍ قالها شاعرٌ: ألَا كلُّ شيءٍ ما خلا اللهَ باطلُ .. ، بل لم يأتِ عن العربِ غيرُ هذا المعنى.
وهذا الإطلاقُ في معنى (كلمةٍ) منكرٌ في اصطلاحِ النحاةِ، لأنّ (كلمةً) بهذا الإطلاقِ تشاركُ لفظاً آخرَ عندهم له حقيقةٌ عرفيةٌ، فهو يشتبه بالقولِ، والكلامِ، والكلمِ، والجملِ، والجملةِ.
قال ابنُ مالكٍ في شرحِ التسهيلِ ((لا يجوزُ أن يطلقَ لفظُ الكلمةِ عند النحاةِ مراداً به الجملةُ المفيدةُ)) لكنه في الألفيةِ خالفَ فقالَ ((وكلمةٌ بها كلامٌ قد يؤمّ))، ولهذا قالَ السيوطيُّ في هذا البيتِ ((هذا من أمراضِها التي لا دواءَ لها)).
• معنى الكلمةِ في اصطلاحِ النحاةِ:
الكلمةُ في اصطلاحِ النحاةِ: قولٌ مفردٌ، هذا المشهورُ كما قال ابنُ هشامٍ وغيرُه، القولُ: اللفظُ الدالُّ على معنى، ويشملُ المفردَ والمركبَ، لأنّ القولَ خاصٌ بالمستعملِ، والمستعملُ منه ما هو مفردٌ، ومنه ما هو مركبٌ، واللفظُ: يطلقُ على المهملِ والمستعملِ، فالعلاقةُ بينَ القولِ واللفظِ العمومُ والخصوصُ المطلقُ، فكلُّ لفظٍ قولٌ ولا عكسَ.
• ما المرادُ بالمفردِ؟
¥
اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 1918