اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 1912
- قوله ((وما يتألفُ منه)) يجوزُ أن يقولَ ((منه)) و ((منها))، لأن الضميرَ يعودُ على الاسمِ الموصولِ ((ما)) وهو مذكرٌ في اللفظِ، ومؤنثٌ في المعنى، لأن المقصودَ بـ ((ما)) الاسمُ، والفعلُ، والحرفُ، وهذه أشياءٌ مجموعةٌ فهي مؤنثةٌ، وإذا عاد الضميرُ على الاسمِ الموصولِ وهو مذكرٌ في اللفظِ، ومؤنثٌ في المعنى جازَ الوجهانِ.
- قال ((وما يتألفُ منه)) ولم يقل ((وما يتركبُ منه)) لأنّ التركيبَ وضعُ شيءٍ على شيءٍ مطلقاً سواءٌ كان على وجهِ الثبوتِ أم لا، وسواءٌ كان بينهما مناسبةٌ أم لا، ووضعُ الشيءِ على الشيءِ على وجهِ الثبوتِ يُسَمّى بناءً، ولهذا يقال: كلُّ بناءٍ تركيبٌ ولا عكس، فالعلاقةُ بينهما العمومُ والخصوصُ المطلقُ، وأما وضعُ الشيءِ على الشيءِ على وجه المناسبةِ بينهما فهو تأليفٌ، ولهذا التأليفُ أخصُّ من التركيبِ، فكلُّ تأليفٍ تركيبٌ ولا عكس، وأكثرُ النحاةِ يقولون: الكلامُ هو اللفظُ المركبُ، والمقصودُ بالتناسبِ والألفةِ: أن يكونَ الكلامُ بين جزأينِ من إسنادِ كلمةٍ إلى أخرى، أو إضافتِها إليها، أو وصفِها بها، بخلافِ ضمِّها إليها بدونِ مناسبةٍ، فإذا قلت: طارَ الجِدارُ، أو الحجرُ مأكولٌ، أو مات السقفُ، فهذه الجملُ ليس بينها ألفةٌ.
وقال بعضُهم: هما – التركيبُ والتأليفُ – بمعنىً واحدٍ، قال الشيخ: والمشهورُ التفريقُ بينهما.
- يقال: الكَلامُ، والكُلامُ، والكِلامُ، فبالفتحِ جمعُ كلمةٍ، وبالضمّ: الأرضُ الصعبةُ، وبالكسرِ: جمعُ كَلْمٍ وهو الجرحُ، وأصلُه كَلَمَ يَكْلُمُ كَلْماً من باب نَصَرَ، قال ابنُ يعيشَ في المفصّلِ: سُمّيَ الكلامُ كلاماً لأنه يَكْلُمُ القلبَ يعني: يجرحُه، قال الشاعر: جراحاتُ السِّنانِ لها التئامُ ... ولا يَلْتامُ ما جرحَ اللسانُ
- والكلامُ لغةً: القولُ، وما كان مكتفياً بنفسه [وهو كلُّ ما أفاد معنى من غيرِ تلفظٍ كالإشارةِ].
والمرادُ بالقولِ لغةً: التلفظ قليلاً كان أو كثيراً [وعلى هذا التعريفِ فكلُّ تلفظٍ مهملٍ أو مستعملٍ يدخلُ في القولِ، لأنه صوتٌ مشتملٌ على حروفٍ]، وفي الاصطلاح: اللفظُّ الدّالُّ على معنى.
ويطلق الكلامُ لغةً على الخطّ، والإشارةِ، ولسانِ الحالِ، والنُّصُبِ [ويقالُ: النَّصْبُ، والنُّصْبُ] كمحرابِ المسجدِ، وهذه المعاني يطلقُ عليها الكلامُ مجازاً، كما قال السيوطيُّ في همعِ الهوامعِ.
- ويطلقُ الكلامُ على المصدرِ، أي: على الحَدَثِ، فيطلقُ ويرادُ منه التَكَلُّمُ، قال الشاعر:
كلامُك هنداً وهي مصغيةٌ ... يَشْفيكَ قلتُ: صحيحٌ ذاك لو كانا
- والكلامُ لا يُطلَقُ على المعنى القائمِ بالنفسِ، وهو باطلٌ شرعاً ولغةً، بل أجمعَ أهلُ اللغة أن الكلامَ والقولَ إذا أُطلقا بغير قرينةٍ انصرفا إلى اللفظِ والمعنى جميعاً، فاللهُ حينَ قال ((ويقولون في أنفسِهم لولا يعذبنا الله بما نقول)) لمّا أرادَ المعنى في أنفسِهم قال ((في أنفسِهم))، فالكلامُ يطلقُ على اللفظِ والمعنى معاً، كما يطلقُ الإنسانُ على الرّوحِ والجسدِ معاً.
- ويُطلَقُ الكلامُ في اللغة ويراد به الكلمةُ الواحدةُ فقولنا (زيدٌ) هذه الكلمةُ كلامٌ.
- قوله ((كلامنا)) هل يقصدُ به النحويينَ أم يقصدُ نفسه؟ رجّح الشيخُ أنه يريدُ نفسَه، قال: وفيه إشارةٌ إلى أن المصنفَ من مجتهدي النحاةِ، لأنه قال قبلَ ذلك: وأستعينُ اللهَ في ألفية ... مقاصدُ النحوِ بها محويّة، فالكلام هنا للنحاةِ ابتداءً، فهو لا يعنيهم وإنما يعني نفسَه، لأن مقاصدَ النظمِ كلَّها للنحاةِ.
- والنحاةُ لهم تعريف للكلام، وكذا المناطقةُ، والأصوليون، والفقهاءُ، وأهلُ اللغةِ.
- الكلامُ عند الفقهاء: كلُّ ما أبطلَ الصلاةَ من حرفٍ مُفْهِمٍ كـ (قِ) و (عِ)، أو حرفين مطلقاً، وإن لم يُفْهِما.
- وأما الكلامُ عند الأصوليين فهو: اللفظُ المنزَّلُ على محمدٍ r للإعجاز بأقصرِ سورةٍ منه، المتعبَّدُ بتلاوتِه، قال الشيخ: وهذا خاصٌّ بالقرآن، قال الناظم: لفظٌ منزّلٌ على محمدِ ... لأجلِ الاعجازِ وللتعبدِ
- وأما الكلامُ عند أهلِ الكلامِ فهو: عبارةٌ عن المعنى القديمِ القائمِ بذاتِه U . وسبق أن قلنا: إن هذا باطلٌ.
¥
اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 1912