اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 1910
- العلمُ إما أن يفسرَ بمعنى الإدراكِ، وإما أن يفسرَ بمعنى الملكةِ، وإما أن يفسرَ بالمسائلِ التي هي فروعُ القواعدِ، ثلاثة أقوالٍ في تفسيرِ العلمِ، لكن هنا لا يمكنُ تفسيرُه بالقواعدِ، لأننا قلنا: النحوُ: علمٌ بأصولٍ يُعرَفُ بها أحوالُ الكَلِمِ إفراداً وتركيباً، فإفراداً: كالإعلالِ والإدغامِ والنقلِ .. الخ، هذا فنُّ الصرفِ، أو تركيباً: كحركاتِ الإعرابِ والبناءِ، وهذا فنُّ النحوِ عندَ المتقدمينَ، وأما في اصطلاحِ المتأخرين، فالنحوُ: علمٌ بأصولٍ يُعرَفُ بها أحوالُ أواخرِ الكلمِ إعراباً وبناءً، فلو فسرنا العلمَ هنا بالأصولِ لصار المعنى: قواعدُ بقواعدَ أو أصولٌ بأصولٍ، فالعلمُ هنا يُفسَّرُ بالإدراكِ، والإدراكُ هو المعنى اللغويُّ للعلمِ، فالعلمُ إدراكُ المعاني، قال الناظمُ:
العلمُ إدراكُ المعاني مطلقا ... وحصرُه في طرفينِ حُقِّقا
سَمَّوْهُما التصْديقَ والتصوُّرا ....
والمرادُ بالإدراكِ: وصولُ النفسِ إلى المعنى بتمامِهِ، فإن لم يكنْ كذلك فهو شعورٌ لا إدراكٌ، وهذا المعنى قد يكونُ معنىً مفرداً، وقد يكونُ معنىً مركباً، فالمعنى المفردُ: هو مدلولُ اللفظِ المفردِ، فزيدٌ: لفظٌ مفردٌ، مدلولُه شيءٌ مفردٌ، وهو الذاتُ المُشَخَّصةُ، وأما زيدٌ قائمٌ: فهذا مركبٌ مدلولُه ثبوتُ قيامِ زيدٍ، فإدراكُ الأولِ يسمَّى تصوُّراً، وإدراك الثاني يُسَمَّى تصديقاً.
قال الناظمُ: إدراكُ مفردٍ تصورٌ عُلِمْ ... ودَرْكُ نِسْبَةٍ بتصديقٍ وُسِمْ
والمَلَكَةُ: هيئةٌ راسخةٌ في النفسِ تكونُ نتيجةً عن المطالعةِ، وضبطِ ودُرْبَةِ العلمِ، ونحوِ ذلك.
والقاعدةُ: قضيةٌ كليةٌ يُتَعَرَّفُ بها على أحكامِ وجزئياتِ موضوعِها.
- استمدادُ النحوِ: استمدادُ النحوِ من كتابِ اللهِ، وهذا متفقٌ عليه، والسننِ على الصحيحِ، وأكثرُ النحاةِ على المنعِ بناءً على جوازِ الروايةِ بالمعنى، قال الشيخ: والصوابُ أنه يحتجُّ به في إثباتِ الأحكامِ أو القواعدِ العامةِ في لغةِ العربِ، والثالثُ – مما يستمدُّ منه النحوُ – كلامُ فصيحِ العربِ بالتتبعِ والاستقراءِ.
- النحوُ: من إطلاقِ المصدرِ وإرادةِ اسمِ المفعولِ، أي: المَنْحُوُّ، وكلُّ علمٍ منحوٌ، أي: مقصودٌ، فنحنُ نقصدُ علمَ الفقهِ، وعلمَ التفسيرِ، فإطلاقُه على علمِ النحوِ صارَ حقيقةً عرفيةً في اصطلاحِ القومِ.
ولهذا الاصطلاحُ يُعَرَّفُ بأنه: اتفاقُ طائفةٍ مخصوصةٍ على أمرٍ معهودٍ بينهم، متى أُطلقَ انصرفَ إليه.
- قوله ((تقرب الأقصى)) الأقصى: ليستْ على بابها في أفعلِ التفضيلِ فيقصدُ بها الأبعدُ، بل المقصودُ أنها تقرِّبُ الأبعدَ والبعيدَ.
- ((رِضاً بغير سُخْطِ)) رضاً: بكسر الراء، وهو سماعيٌ كضمّ سينِ ((سخط)) وسكون خائه، والقياسُ فيه الفتحُ، لأنه من باب فَرِحَ، قال ابن مالك: وما أتى مخالفاً لما مضى ... فبابه النقل كسخطٍ ورضى
- ((فائقة ..)) بالرفع والنصب والجر، فبالنصب على أنه حالٌ من فاعلِ ((تقتضي))، وبالجر على أنه صفةٌ لألفية من قوله ((وأستعين الله في ألفيةٍ .. فائقةٍ))، وبالرفع على أن ((فائقة)) خبر لمبتدأ محذوفٍ، والتقدير (وهي فائقةٌ))، أي: عالية الشرف.
- وإنما فاقت ألفيةُ ابن مالكٍ ألفيةَ ابن معطي لأن ألفية ابن مالكٍ من بحرٍ واحدٍ وهو الرَّجَزُ، بخلافِ ألفية ابن معطي فإنها من بحرينِ: السريعِ والرجزِ، وهذا يشوش على الطالب، كذلك ألفيةُ ابنِ مالكٍ أكثرُ أحكاماً من ألفية ابن معطي، وجرت عادة العلماء أنهم يقارنون ما كتبوه بما سبق، ولذلك يقول السيوطي:
وهذه ألفيةٌ تحكي الدرر ... منظومة ضمنتها علم الأثر
فائقة ألفية العراقي ... في الجمع والإيجاز واتساق
- إذا أراد الطالب أن يميز بين مختصرين أو نظمين أيهما أجود؟ ولا يقع في نزاعٍ: أن الثاني المتأخرَ إذا كان أهلاً للتصنيفِ، وبلغ الغاية فيما كتب فالاشتغالُ بكتابه أولى، لأن الناقد بصير، فهو قبل أن ينظم لا بد أنه نظر فيمن سبقه، فلا بد أنه يستدرك ما فات الأول، ولذلك ألفية السيوطي مرجحةٌ على ألفية العراقي، لأن السيوطيَّ متأخرٌ، ولأنه أهلٌ للتصنيفِ، ثم ما كُتِبَ على ألفية العراقي يمكن تجريدُه وجعلُه على ألفية السيوطيِّ، فشرح السخاوي على العراقي إما أنه يتعلق بلفظٍ للمتنِ، أو بفائدةٍ وحكمٍ ومسألةٍ بالمصطلحِ، فالثاني يمكن جعله على ألفية السيوطي، وأما الأولُ فلا علاقةَ لنا به، لأن كلَّ تركيبٍ يحتاج إلى حلٍّ يختص به.
- ((مستوجبٌ ثنائي الجميلا)) الثناء: مختص بالخير عند الجمهور، وعند ابن عبد السلام يعمُّه والشرَّ، فيقال: أثنى عليه شراً، ومنه ((مرُّوا على جنازةٍ فأثنوا عليها خيراً، فقال: وجبت، ثم مرّوا بجنازةٍ فأثنوا عليها شراً، فقال: وجبت)).
- ((لي وله ..)) بدأ في الدعاء بنفسه، لحديث ((أن الرسول r كان إذا دعا بدأ بنفسه)) رواه أبو داود، ومنه ((وقال نوحٌ ربِّ اغفر لي ولوالدي))، وعن موسى ((رب اغفر لي ولأخي)).
- ((درجات الآخرة)) في الصحاح: طبقاتٌ من المراتب، يعني: مراتبها عليَّةٌ، وقال أبو عبيد: الدرج إلى أعلى، والدرْكُ إلى أسفل، والمراد: مراتب السعادة في الدار الآخرة.
- الألفية تعتبر من كتب المتوسطين في علم النحو، ولذلك يجعلها البعضُ بعد الآجرومية، ثم بعد الألفية (جمع الجوامع) للسيوطي إذا أراد الانتهاءَ، لأن السيوطيَّ سارَ فيه على نهجِ تاجِ الدينِ السبكيِّ في (جمع الجوامع) في الأصول، وقد جمعه السبكي من زهاءِ مائةِ مصنفٍ، والسيوطيُّ سار بسيره فجمع كتابه من مائةِ مصنفٍ، فدلّ على أنه حوى علماً جماً، وشرَحَه في (همع الهوامع)، والأشمونيُّ والصبّانُ وغيُرهم يختطفون منه كثيراً، لأن فيه أقوالاً قد لا توجد في غيره.
¥
اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 1910