اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 156
ونصل إلى الموضع الرابع ممّا زُعم أنّه أدلّة، وإن كانت في الحقيقة ظنون لا ترتقي فوق التهمة، وهو موضع التشابه في أبيات ابن مالك؛ فأقول ـ ومِن الله أستمدّ العون ـ:
4 - الأبيات متشابهة في نظمها وفيها نفَس رجل واحد، بغض النظر هنا عن ظهور سيما الوضع عليها، وإنما الكلام عن التشابه الذي بينها، وهذا أيضا خاص بمن كان له سجية صالحة. (1)
5 - الأبيات متشابهة في ألفاظها المفردة، (2)
6 - التشابه في الألفاظ المركبة، (2) وهذا شيء غير تشابه النظم وغير تكرر الألفاظ المفردة، وإنما هو تكرر ألفاظ مركبة بالإضافة أو غيرها، كقوله:
من يُعن بالحمد لم ينطق بما سفه * ولا يحد عن سبيل الحلم والكرم
وقوله:
دمت الحميد فما تنفك منتصرا * على العدا في سبيل المجد والكرم
1 - وهذا التشابه شبهته الوهم؛ لأنّه مبنيّ على ذاك الذوق (الوهم) والحدس (الهوس)، وكفى به سقوطًا اختلاف أذواق الناس، واطّراح الأخذ به مِن الفقهاء والأصوليين، وخاصّ ـ كما ذكرتَ ـ بمَن لديهم سجيّة (سليقة) صالحة (خاصّة)؛ كالبدريّ وأتباعه، وأمّا مَن لم يرَ هذا التشابهة؛ فلا سجيّته صالحة لديه، وإن كان مَن كان في علمه وعقله، ودقّته ونقده، ودرايته وروايته!
>>فما هذا الكلام المبنيّ على الأوهام، وما هذا القول المبنيّ على الذوق، وما هذا الحدس المبنيّ على الهوس، وما هذه السليقة الصالحة (!؟) التي لا يمتلكهاإلا البدريّ ومَن أخذ برأيه؟!
2 - التشابه في الألفاظ والتراكيب والصور والمعاني والأغراض في الشعر العربيّ سمة عامّة في قديمة وحديثه، فصيحة وعامّية، فتشابه في الألفاظ والمعاني والتراكيب والصور ظاهر بين شاعر وآخر معاصر له أو متأخّر عنه. وهذا التشابه؛ لأنّ الشعر العربيّ شعر غنائيّ وجدانيّ، ومعاناة الناس على مرّ الزمان ومع اختلافه واختلاف المكان متشابهة، والناس هم الناس.
>> فليُنظر ـ مثلاً ـ إلى قول امرئ القيس في معلّقته:
وقوفًا بها صحبي عليّ مطيّهمْ ... يقولون لا تهلك أسًا وتجمّلِ
وقول طرفة في معلّقته:
وقوفًا بها صحبي عليّ مطيّهم ... يقولون لا تهلك أسًا وتجلّدِ
وهذا أمر معروف عند العلماء والأدباء والنقّاد، ويطلقون عليه (المواردة)؛ فهذا صاحب الخزانة ابن حجّة (ت: 837 هـ) يقول: ((هذا النوع؛ أعني المواردةَ: هو أن يتوارد الشاعران على بيت، أو بعض بيت، بلفظه ومعناه. فإن كان أحدهما أقدمَ من الآخر وأعلى رتبةً في النظم حُكم له بالسبق، وإلا فلكلّ منهما ما نظمَه؛ كما جرى لامرئ القيس وطرفة بن العبد في معلّقتيهما ... وقد يقع مثلُ ذلك أو دونه في بيت يخالف وزن البيت الأصليّ)). (2/ 380)
*فهل نقول إنّ هذا التشابه في اللفظ والتركيب بينهما دليل على أنّ المعلّقتين موضوعتان على الشاعرين، وأن واضعهما واحد، رامين مَن رواهما مِن العرب، وهم أهل السجيّة والسليقة العربيّة الحقّة، ومِن العلماء، وهم أهل العلم والنقد، واتّفاقهم موضع قبول، ورامين مَن شرحهما من الأدباء والنقّاد بأنّ سجيّتهم غير صالحة حينما لم يزعموا فيهما الوضع ومِن رجل واحد؛ كحال سجيّة هذا البدريّ الصالحة وأتباعه حينما رموا أبيات ابن مالك بالوضع، وأنّه دون غيره قطعًا مَن وضعها؟
>> فهل هذا المنهج منهج بحث وعلم، منهج عدل وحكم مِن ترويّ في النظر، وتقصّ للخبر، وفقه بالنصّ، وتجرّد مِن الهوى، وبعد عن القصد المسبق والذوق الموهم والحدس (الهوس)، أو أنّه خلاف هذا كلّه؟
ويُتبع ـ بإذن الله ـ >>
ـ[أبو عبد الملك الرويس]ــــــــ[23 - 06 - 2014, 05:22 م]ـ
إن كان أحد من القراء أنكر شيئا في كلامي أو قدَّر أنني أخطأتُ فيه أو لم يتضح له مرادي به فليخبرني، فإني والله تركتُ كثيرا من التفصيل والتوضيح اختصارا واعتمادا على فطنة القارئ.
وإن لم يكن إلا هذا المحاور المغاور فإني أصون عقلي عن مناظرته، ولو شئتُ -والله- لدمدمتُ عليه في زعمه الكاذب أن الأبيات التي لم يعرف أحد قائلها في كتاب سيبويه أكثر من مئتي بيت، لكني أصون عقلي ووقتي عن مراجعة هذا الرجل.
ـ[أبو عبد الملك الرويس]ــــــــ[23 - 06 - 2014, 09:27 م]ـ
باسم الله. والحمد لله.
.
.
ونصل إلى الموضع الخامس، وهو ورود اللفظ المولّد؛ فأقول ـ ومِن الله أستمدّ العون ـ:
7 - ورود ألفاظ مولدة في الأبيات كالتعيين والتعميم وغيرها، راجع كتاب الأستاذ فيصل.
كان الأولى أن تحيل إلى كتاب نعيم؛ لأنّه المرجع في هذا القضيّة والتهمة؛ فكلّ مَن كتب أو تكلّم بعده فيها بالتأييد؛ فهو عالة عليه، وعائد إليه!
*في مثل هذا الأمر يجب أن يُرجع أوّلاً إلى ما نسب ابنُ مالك مِن أبيات صراحةً؛ ليُنظر أفيها ألفاظ مولّدة كذلك، أم ليس فيها؛ حتّى يُعتدّ بهذا الموضع موضعَ بحثّ ونظر، إلا أنّ هؤلاء اكتفوا بما لم يُصرّح بالنسبة فيه على بناء زعمهم فيه. وليس هذا سبيل بحث سليم!
*وعلى كلّ؛ فإن كان هذا الموضع مع توفّر الشرط السابق يثير الظنّ في الوضع إلا أنّه لا يُثير البتّة الظنّ في أنّ الواضع ابن مالك نفسه، إلا أن كان قصْدُ الظانّ في نفسه أوّلَ الأمر اتّهام ابن مالك نفسه!
>> وإلى الموضع الآتي ـ بإذن الله تعالى ـ.
¥
اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 156