اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 153
ـ[صالح العَمْري]ــــــــ[22 - 06 - 2014, 10:38 م]ـ
وهنا تتمة مهمة جدا كتبتُها -أيضا- من قبل في بعض ردودي، فاقرأها وتأملها بعين الفاحص المنصف:
سيبويه عالم قديم أدرك زمن الرواية والأعراب، وزمن الأئمة من أكابر العلماء والرواة، فلا يضره أن يتفرد بأبيات قليلة كما تفرد غيره من الأئمة بأبيات قليلة، فإنك تجد الأصمعي يتفرد بأشياء، ومثله أبو عبيدة وابن الأعرابي وأبو عمرو الشيباني والفراء والكسائي وغيرهم.
وليس غريبا أن يتفرد أحد منهم بشيء من العلم والشعر، بل الغريب أن لا ينفرد أحد منهم بشيء، فيكون ما يعرفه كل واحد منهم يشبه ما يعرفه صاحبه، لا يختلف عنه في شيء، فهذا هو العجيب بل المستحيل، لأن كل واحد منهم كان يلقى من الأعراب أناسا ما لقيهم أصحابه، فيروي كل واحد عمن يلقاه، وينفرد كل واحد منهم بأشياء ليست عند صاحبه، ثم لا تجد هذه الأشياء كثيرة.
مع أن الجرمي ذكر عن الخمسين هذه أنه لم يعرف قائليها فقط، ولم يذكر أنه لم يعرف الأبيات نفسها، فإن بعض الشعر يكون معروفا عند العرب يعرفه كل أحد، ومع ذلك لا تكاد تجد أحدا يعرف قائله، ومثل هذا يصح لسيبويه الاحتجاج به قطعا، لأنه من شعر العرب قطعا، وإن لم يكن قائله معروفا، وهذا يشبه الأمثال، فإن من الأمثال ما تعرفه العرب كلها، وتتمثل به في كلامها، ومع ذلك تجد بعض هذه الأمثال لا يعرف أحد من الناس من أول من تكلم به.
فمن تلك الأشعار ما وضع على ألسنة الحيوانات، فصار كالأمثال عند العرب، ولا يدري أحد من أول من تكلم به، وقد وقع منه في كتاب سيبويه قول العرب على لسان الضب:
أهدموا بيتك لا أبا لكا * وحسبوا أنك لا أخا لكا
وأنا أمشي الدألى حوالكا
فهذا وأشباهه يجوز أن يكون داخلا في ما ذكر الجرمي أنه لم يعرف قائلَه، بل أكاد أجزم بذلك، فإن هذه من تكاذيب الأعراب التي وضعوها على ألسنة الحيوانات يزعمون أنها قالتها لما كانت الأشياء تتكلم، فمثل هذه لا يعرف أحد قائلها لا من العلماء ولا من العرب أنفسهم، فإنهم ينشدونها ولا يدرون من أول من تكلم بها، وهي مع ذلك مما يحتج به قطعا.
ثم إن أكثر العلماء لا يعرف هذه الخمسين التي أرادها الجرمي بأعيانها، فلا يدرون ما الألف التي عرفها وما الخمسون التي لم يعرفها، فيجوز أن تكون هذه الخمسون كلها قد نسبها العلماء إلى أصحابها في ما صنفوه من كتبهم من غير أن يشعروا أنها من الأبيات التي لم يعرفها الجرمي، فتكون بهذا قد عرفت الأبيات كلها.
وإن بقي بعد ذلك شيء قليل لم يُعرف فما يضر من كان في زمن سيبويه وفي منزلته أن ينفرد بهذا الشيء كما وقع ذلك لغيره من الأئمة في زمانه.
ثم تجد هذه التي انفرد بها -على قلتها- شتى الأغراض والمذاهب، منها ما هو في النسيب ومنها ما هو في الهجاء أو المدح أو الفخر أو الوصف أو غير ذلك، وأساليبها وطرائقها وألفاظها متباينة مختلفة.
أما أن يأتي إنسان بعد انقطاع زمن الرواية بخمسة قرون ثم ينفرد بسبع مئة بيت لا يعرف أحد من البشر قائليها ولا أعيانها -بخلاف أبيات سيبويه التي قد يكون الجرمي جهل قائليها فقط دون أعيانها- ولم توجد في كتاب قبله أو بعده، ثم تجد هذه الأبيات كلها لم تنسب إلى قائل، ولا إلى قبيلة، ولم تُعزَ روايتها إلى راوٍ، ثم تجدها كلها ظاهرة فيها الصنعة والوضع، ثم تجد معظمها في الحكمة لا تكاد تجد فيها شيئا من الرثاء أو الهجاء أو وصف الناقة أو حمار الوحش أو كلاب الصيد أو الفلاة أو غير ذلك مما هو معروف في شعر العرب، ثم تجد معظمها أيضا أبياتا مفردات لا تعلق لها بشيء قبلها ولا بعدها، ثم تجدها كلها متشابهة في ألفاظها ونظمها، فهذه لا شك عند من له أدنى عقل في وضعها.
ـ[أبو عبد الملك الرويس]ــــــــ[22 - 06 - 2014, 11:51 م]ـ
باسم الله. والحمد لله.
.
.
لست أريد أن أَشغَل نفسي بهذا المغاور لكن لا بأس بالرد عليه ليَبينَ أنه خابط في ليلة ظلماء، وأنه يتكلم في شيء لا يدري ما هو.
بل لقد أشغلتَ نفسك ـ والله، لا يشغلنا إلا بطاعته ـ، وأشغلتَ نفسك بإسقاط عدالة ابن مالك وما زال هو هو، وأنت أنت! وكم تزعم أنّك لن تكتب بعد، ثم تنقضه مِن غد؛ لتبيّنَ أنّ كلّ قولك زعم في زعم!
¥
اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 153