اسم الکتاب : الصراع الفكري في البلاد المستعمرة المؤلف : مالك بن نبي الجزء : 1 صفحة : 54
هذا يشرفني بصفتي مؤلفاً يُذكر اسمه على لوحة دعاية مثل (العروة الوثقى)، ولكن يجب أن أوضح للقارئ، أن اسمي قد ذكر على أنني مؤلف فرنسي ((عاش في الشمال الافريقي، وامتزج به وأحبه، واعتنق الإسلام، ولاقى الأهوال في سبيل الدفاع عنه)).
هذه هي القصة في كل بساطتها، أو في بساطة مظهرها: فهي في ظاهرها بريئة ومادحة فعلاً، ومن كتبها أو من طلبت منه كتابتها بهذه الصورة قد أودع فيها دون شك براءته ونيته الطيبة.
ولكن تجربة ربع قرن علمتني كيف أتعرف على حقيقة شيء من هذا القبيل: فإنني أعرف أين تصنع ولماذا تصنع هذه البضاعة. فإن من وضع عليها خاتمه، قد طلب منه ذلك كي لا يظهر الاستعمار في المعركة طبقاً للمبدأ الأول من منهجه، كما بينا ذلك؛ وهو لاشك قد فعل ذلك دون أن يعرف على أي بضاعة وضع خاتمه.
ونبقى إذن بالفعل أمام قصة بريئة على ظاهرها، لم يرَ فيها القارئ أثراً لكيد كائد، وليس من موضوع البحث هنا أن نقول كل ما تعنيه هذه القصة في إطار الصراع الفكري، وإنما نريد الاهتمام بما تعنيه في جانب معين بحد ذاته حتى لا نقع في تطويل غير مناسب في هذا العرض.
فنحن نريد هنا أن نعطي للقارئ فرصة التأمل في نبذة معينة من الصراع الفكري، فليعد نظره إلى ألفاظ القصة التي نحن بصددها ثم فلنقل له، لنضعه على الطريق المستقيم؛ إن مالك بن نبي لم (يعتنق الإسلام) - كما يقول صاحب مقدمة العروة الوثقى- بل هو يدلي إلى الإسلام بعرق مسلم منذ ثلاثة عشر قرناً على الأقل، ولعل القارئ حينما يعلم هذه الحقيقة يدب في نفسه شعور غامض بأنه أمام لغز يسلمه إلى الحيرة.
اسم الکتاب : الصراع الفكري في البلاد المستعمرة المؤلف : مالك بن نبي الجزء : 1 صفحة : 54