اسم الکتاب : الصراع الفكري في البلاد المستعمرة المؤلف : مالك بن نبي الجزء : 1 صفحة : 53
وبعبارة أخرى، إن هذه العمليات تجري في الواقع على اسم صاحب الفكرة، ثم يلحق أثرها النفسي الفكرة بالتبعية، أي إن الانعكاسات التي تسلطها (مرآة الكف) على الاسم، تنعكس في النهاية عن الفكرة.
هذه هي القاعدة العامة.
والآن فلنشرح كيف تطبق هذه القاعدة في حالة وقعت فعلاً، وكيف تركب مرآة الكف في مثل حالة كهذه.
والواقع أنه في الوقت الذي كانت فيه ترجمة كتابي (شروط النهضة ومشكلات الحضارة) تحت الطبع، وأصبحت الترجمات العربية لمؤلفات أخرى متوقعة، ظهر في مكتبات القاهرة كتاب كبير يضم مجموعة المقالات التي نشرها السيد جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده في مجلتهما (العروة الوثقى)، والقارئ يعلم لا شك ما يكون لكتاب هذا عنوانه من قيمة لافتة، لأنه يعلم ما لهذا العنوان من صدى في تاريخ العالم الإسلامي الحديث، إذ أن كلمة (العروة الوثقى) تحمل دوي معركة فكرية سجلتها النهضة الإسلامية تحت قيادة الفقيدين العظيمين، وخاصة ما دار من جدل بينهما وبين أرنست رينان وجبرائيل هانوتو.
ولا يخفى أن ما يحمله عنوان كهذا- (العروة الوثقى) - من وقار عند الجماهير الإسلامية، وما يؤدي إلى نفوسها من إشعاع عهد ماجد لازال حياً في ذاكرتها، يجعل منه أحسن لافتة يوضع فيها شيء لإلفات النظر إليه بصورة معينة، وإذا استخدمنا مصطلحاتنا نقول: إنه يكون خير مرآة تعكس الأضواء التي نريدها على هذا الشيء حسب تصرفنا، لتظهره في الصورة التي نتمناها.
ولقد أورد مقدم هذا الكتاب، ذي العنوان المثير، اسمي بصفتي مؤلفاً لكتاب معين هو (مستقبل الإسلام) ورجع إليه مرتين في مقدمته، ولا شك أن
اسم الکتاب : الصراع الفكري في البلاد المستعمرة المؤلف : مالك بن نبي الجزء : 1 صفحة : 53