responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الصراع الفكري في البلاد المستعمرة المؤلف : مالك بن نبي    الجزء : 1  صفحة : 55
ولكن الاستعمار قد أخذ في حسابه جميع العناصر النفسية التي تكون هذا لموقف السلبي، فهو يدرك أن الوسط الإسلامي مصاب بشيء من ضعف الإرادة، الذي يتركنا في حيرتنا أمام بعض الألغاز فلا نحاول حلها؛ أو بصورة أعم إننا نقف في منتصف الطريق لا نحاول الوصول إلى نهايته، وهذا يتجلى في هروبنا من المشكلات حينما تفاجئنا.
وهكذا تتجدد المشكلة، فالاستعمار يدبر مكائده عن معرفة تامة بالنفسية المسلمة، فهو يعرف النقص الذي يمنع عقولنا من أن تضع بين الوقائع الارتباط المطلوب، الذي يجعلنا نضعها تحت قاعدة موحدة ونستخلص منها حقيقة عامة، ولا داعي للإطالة هنا، فقد أوضحت في غير هذا المكان هذا النوع من النقص، الذي لم يخطئ أحد المستشرقين الإنجليز حين أطلق عليه (الذرية) أي الاتجاه إلى اعتبار الوقائع والأحداث مجزأة منفصلة فردية، دون أي رباط عضوي بينها، كأنما هي في مجموعها لا تكون وحدة معينة، أي حلقة من التاريخ وفصلاً من فصوله، وإنما تكون في النظرية الذرية كوماً من الأحداث والوقائع جمعتها الصدفة، في غير ما تركيب ولا تنسيق، فلا يمكن أن نستخلص من كوم كهذا، كونته الصدفة المحضة أية نتيجة عملية؛ أي قانوناً عاماً نطبقه في حالات خاصة.
وهكذا عندما نفصل القصة التي نتحدث عنها، عن الملابسات التي تتضمنها بوصفها تفصيلاً من تفاصيلها وحلقة من سلسلتها في اطراد معين، فإننا سوف نعدها (غلطة مؤسفة) على الأكثر، وهذا كل ما نأخذه من واقعة عندما نعزلها عن قريباتها دون أن تفقد الواقعة- بسبب موقفنا البسيط والمبسط للأشياء- تأثيرها النفسي في سير الصراع الفكري، كما سنبين ذلك وكما يجب أن نفهم بذلك بداهة، إذ أن جهلنا لميزات شيء ما، لا يعني أنه يفقدها فالجاذبية كانت جاذبية قبل نيوتن.
أما إذا نطرنا للواقعة من خلال شبكة علاقاتها المنطقية العضوية، فإن

اسم الکتاب : الصراع الفكري في البلاد المستعمرة المؤلف : مالك بن نبي    الجزء : 1  صفحة : 55
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست