responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 2153
الذي يرويها انقلبت فتنةً في الأَرض وفساداً، وانفصلت عن خصائصها ومقوّماتها، وأَخذت خصائص جديدة من الشرِّ والانحراف والفتنة.
من هذا الارتباط بالفطرة التي فطر الله الناس عليها، ومن هذا الارتباط بالإيمان والتوحيد، تكتسب الحرّية العادلةُ، الحرّية الحقيقية، الحرّيةُ في الإسلام، خصائص هامة مؤثرة في واقع الإنسان والشعوب مع العصور كلها، ومؤثرة كذلك في واقعنا اليوم نحن المسلمين. الحرّية نفسها، وسائر الغرائز والميول المغروسة في فطرة الإنسان، تظل تؤدي الوظيفة التي خلقها الله لها، وتظل في ميزان الله " تقوى " " وعملاً صالحاً " ما دامت مرتبطة بالإيمان والتوحيد مرتوية من نبعه الفياض، نبعاً غنياً يفتحه ويدفع تدفُّقه النيّة الخالصة لله، النية الصادقة الواعية. فإذا انفصلت الحرية، أو أي غريزة أو ميل مغروس في الفطرة عن الإيمان والتوحيد، وعن ريّهما الغنيّ، أو إذا استبدلت الحريةُ بالإيمان والتوحيد ريّا آخر فإنها تصبح " فجوراً " وفتنة وعملاً غير صالح.
{وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)} [الشمس]
4ـ الحرية في الإسلام تقوم على أساس المسؤولية والحساب:
ومن أول هذه الخصائص وأَهمها المسئولية والحساب. فهاتان الصفتان هما من خصائص الإيمان والتوحيد، وخصائص كل سجيّة ترتبط بهما. ولا بد هنا أَن نشير بإيجاز إلى الإيمان والتوحيد يمثلان قضيّة مفاصلة وحسم لا مساومة معها ولا تراخ: {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (14)} [الطارق]
إنهما يمثلان تكاليف ربانية في ميادين شتى من الحياة، والتزاماً بها، وجهاداً من أجلها في سبيل الله، ويمثلان قضية مسؤولية وحساب.
فر حرّية في نظر الإسلام دون مسؤولية وحساب، فحين يعطي الله سبحانه وتعالى حرّية الاختيار للإنسان، ويوفّر له كلّ أَسباب ممارستها، فإنه لا يتركه مع حرِّيته هذه متفلَّتا من مسؤولية اختياره. بل يجعل الله لكل اختيار يمضي إليه الإنسان نتيجة جليّة وجزاء عادلاً لا يستطيع أَن يفرّ منه أَبداً. ويمضي هذا الجزاء في الدنيا على سنن لله ثابتة، علمنا الله بعضها في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وفي الآخرة إلى إِحدى نتيجتين - جنّةٍ أَو نار - لتمثل كل نتيجة منهما حصاد اختيار الإنسان في الحياة الدنيا. ونأخذ مثلاً على ذلك من كتاب الله: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30) أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ

اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 2153
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست