responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 2152
أين الحرية اليوم؟! إلا حرية الكلمة المخدّرة أو الكلمة المرتجفة، أو الكلمة المترنحة، أو حرية صاحب القوة والنفوذ، أو الحرية في التقاط الفُتات مما يُلْقيه المجرمون المعتدون، أو حرية الخمور والفاحشة في مواخير الليل، أو حرية الزنا في الشوارع والحدائق والزوايا، أو حرية اللواط يحميه القانون وترعاه العصابات؟!!
3ـ ارتبط الحرية الحقيقية بالإيمان والتوحيد:
إن النموذج المثل للحرّية والصورة الصادقة الأمينة، النموذج المتكامل والصورة النقيّة، لم تعرفها البشرية في تاريخها الطويل إلا بما دعا إليه الرسل والأنبياء، ولم يحملها إلى الناس إلا رسالة الله إلى عباده وخلقه، ولم يُطبقها في واقع الإنسان إلا الأنبياء والرسل وأصحابهم وحواريوهم الذين حملوا الرسالة من بعدهم وصدقوا الله في حملها، دون تحريف أو تبديل. ولقد كانت رسالة الأنبياء والمرسلين رسالة واحدة هي الإسلام. فالله واحد، والدين واحد، وخُتمت الرسالة بمحمد صلى الله عليه وسلم وبكتاب الله، القرآن الكريم، بمنهاجه الربّاني - قرآناً وسنة ولغة عربية -، حيث جاء مصدّقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه.
ذلك لأن الحرية الحقيقية الطاهرة الصادقة مرتبطة كل الارتباط بالإيمان والتوحيد وأسسهما، مغروسة في فطرته السوية التي فطر الله الناس عليها، إذا لم تنحرف أو تتشوه أو تفسد.
ولعل كلمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه التي قالها لعمرو بن العاص رضي الله عنه، حين اعتدى ابنه محمد على أحد الناس وضربه بالسواط، ثم جعل عمرُ الرجل يأخذ حقَّه من ابن عمرو بن العاص فضربه بالدرة واستوفى واشتفى، لعل كلمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه يومَها مازالت تدوِّي ملءَ العصور والأَجيال، تعلم الناس نموذجاً رائعاً من نماذج الحرِّية، نموذجاً جامعاً لكثير مما ذكرناه أُعلاه. قال عمر رضي الله عنه: " أُيا عمرو! متى تعبَّدتُم الناس وقد ولدتهم أُمهاتهم أَحراراً " ([1])
إنها الفطرة التي فطرها الله عليها، فولدتهم أُمهاتُهم بهات مع أُودع فيها من أَسرار وقوى ورغبات. وكان أَهمَّ ما أَودع الله في فطرة الإنسانِ الإِيمانُ والتوحيدُ، ليرويا ويغذّيا جميع الطاقات والرغبات، فتظل تعمل متوازنة عادلة. فإذا اضطرب هذا الريُّ والغذاء، أُو انقطعا أَو استُبْدِل بهما مصدر فاسد، انحرفت واضطربت الموازنة وساء
العطاء. فتصبح الشهوةُ فجوراً وعدواناً، والحبُّ والموالاة وثنيّةً وشركاً، والحرّيةُ أَنانيّة واستبداداً، والإِخاءُ عصبيةً واستغلالاً.
من هنا تأخذ الحرِّية معناها الإيماني حين ترتبط في فطرة الإنسان بالإيمان والتوحيد، وتأخذ بُعدَها الإنسانيَّ حين أَودعها الله فطرة الإنسان، لتأخذ حقيقة هذا البعد وجوهره. من هنا ترتبط الحرّية بكل المعاني التي يتغنّى بها الناس والشعارات التي يرفعونها لتظل صادقة بها أَمينة معها. ومن هما تأخذ الحرّية معناها الكامل ومحتواها المتكامل والمترابط، وممارستها المتناسقة. فإذا انفصلت عن هذا المنبع الغني

اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 2152
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست