responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 2151
الممارسة إلا إذا عُرفت أسسها وقواعدها وحدودها. كيف تقوم المساواة إذا لم يكن لها حدود وضوابط من الحقوق والمسؤوليات، والوسع والطاقة، والالتزام والحساب. وكيف تقوم هذه أو تلك إذا لم تكن كلها مترابطة في نهج واضح جلي متماسك.
هذه ناحية واحدة من نواحي عظمة الإسلام وتفرّده عن جميع المناهج البشرية. إنه منهاج رباني جاء من عند الله رب العالمين، خالق الإنسان وخالق كل شئ، يعلم ما يحتاج خلقه وما يصلح حياتهم في الدنيا وما ينجيهم في الآخرة.
ولا نستطيع هنا إلا نعطي لمحات عن الحرية في ميزان الإسلام وقبسات من منهاج الله، مع أمثلة سريعة من فساد الحرية لدى المناهج البشرية الأُخرى.
2ـ الحرّية والثورات التي قامت من أجلها:
لقد كانت دعوى الحرّية من أهم شعارات الثورة الفرنسية. وارتبطت دعواها بشعارين آخرين هما الإخاء والمساواة. ولكنّ الثورة الفرنسية لم تعرف الحرية ولا الإخاء ولا المساواة، ولا قدّمت من ذلك شيئاً غير الشعار تهتف به الحناجر وتُحفَر به النُّصب والأَحجار، ثمَّ تُرتكب أَبشع المظالم، فتتناثر الجماجم تحت المقاصل، وتتطاير الأَشلاء عَبَثَ الظالمين، وتدور أَوسع جرائم الأَرض، ويُطوَى ذلك تحت أَستار الدعاية الزّاهية والسلطة القاهرة. وتُطوى معه الشعارات التي نادى بها فولتير (1694ـ1778م) وجان جاك روسو (1712ـ 1778م) والتي مهّدت لقيام الثورة الفرنسية. وتُطوى بين أمواج الجريمة القيمُ التي بنتها النبوّة في تاريخ الإنسان الطويل.
وثورات أُخرى كثيرة قامت لتصارع من أجل صورة الحرّية التي توهمتها، وتعاقبت الثورات في تاريخ الإنسان حتى يومنا هذا. ولكن الإنسان في الأرض اليوم ما زال يفقد الحرية الحقيقية وما زال يجاهد من أجلها.
لقد فشلت معظم هذه الجهود لأَنها لم تطلب الحرّية بصورتها المتكاملة، وميزانها العادل، فاضطربت المقاييس وامتد الصراع، وربما استبدلت بها المظلم والظلام. أين الحرّية اليوم في الأرض، إلا حرية الجنس المتفلت؟!
لقد قامت الشيوعية تدعو إلى حقوق الطبقة العاملة وحرّيتهم وإنقاذهم من المجرمين الظالمين في الرأسمالية. فماذا كانت النتيجة؟! لم ينل العمال حقوقهم ولا حرّيتهم ولم تحترم أدنى درجات الإنسانية، ولكن الشيوعية وأحزابها في صراعها مع الرأسمالية استبدلت بمجرمي الرأسمالية مجرمين اشتراكيين وشيوعيين، استبدلت بالظالمين ظالمين جدداً. فأفنت الملايين من البشر في ظلمات فوقها ظلمات.
قامت شعوب كثيرة تطالب بحريتها. فمن فشلت جهودهم من هذه الشعوب سُحِقوا تحت شعار الحرية والعدالة، ومن نجحت جهودهم أقاموا لوناً آخر من الظلم والفساد في الأرض، ولوناً آخر من العدوان والنهب.

اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 2151
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست