responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مذكرات شاهد للقرن المؤلف : مالك بن نبي    الجزء : 1  صفحة : 251
الوزير التونسي الحالي للمالية [1]، وعيناه تهرقان الدمع والأسى يقطع صوته، يرجوني أن أقدمه إلى (فريد زين الدين).
زاد هذا النشاط في تفاقم الأمر بالنسبة لدراستي، ولكنه لم يعطل شيئاً من مناقشاتي مع (حموده بن الساعي)، كان يزورني في بيتي كل يوم جمعة في المساء، يصحبه أحياناً أخوه (صالح) الذي التحق بدوره بباريس، فنتناول العشاء سوياً، وكانت زوجي تصنع المعجزات في الاقتصاد سائر الأيام لتحقق تلك المأدبة الأسبوعية، فتصنع لنا أكلة من العدس ولسان الضأن، كانت تتقنها حتى ترضي الضيوف بأقل تكاليف، فكنا- والحق يقال- نلتهمها التهاماً.
ثم تبتدئ جلسة العمل، فتجلس زوجي في ركنها بعد أن تُناولنا القهوة، وتلحق بها هرتنا (لويزة) لتغطّ على ركبتيها في نومها بينما تستأنف سيدتها نسيجها اليدوي بالإبرة، ولم يكن موضوع المناقشة محدداً من قبل، وغالباً ما تحدده الورقة الصغيرة التي يخرجها (حموده بن الساعي) من جيبه، وقد تكون أحياناً ملاحظة له أثناء مطالعته في الأسبوع أو مجرد مقال مقتطع من جريدة. فيدور بيننا الحديث ويدوم أحياناً إلى الواحدة ليلاً، وكانت لصديقي عادة قد تعودها تجعله يضع قطعة من السكر في فنجانه ويحركها طالما أتكلم، ثم يترك الملعقة كلما تناول هو الحديث، وهكذا دواليك إلى نهاية الجلسة، فيترك غالباً فنجانه دون أن يكون قد تناول قهوته، وكان ذلك يسليني كثيراً لأنني كنت أتصور تأوهات زوجي المقتصدة في كل مرة يتناول صديقي بها السكر من السكرية، دونما شعور منه.
كانت هذه المناقشات متنوعة، علمية أحياناً، وسياسية أخرى ودينية اجتماعية غالباً، أو مجرد نقد لتسيير الأمور في الجزائر من طرف المسؤولين عن

[1] هذا المنصب يعود إلى زمن تأليف الكتاب. (المصحح).
اسم الکتاب : مذكرات شاهد للقرن المؤلف : مالك بن نبي    الجزء : 1  صفحة : 251
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست