اسم الکتاب : مذكرات شاهد للقرن المؤلف : مالك بن نبي الجزء : 1 صفحة : 246
المشكلات المطروحة. ولكن هذا التقدير خطأ لأن الجزائر لم تنطلق من نقطة الصفر، بل انطلقت من ميدان المعارك الطاحنة التي خاضها الشعب تحت لواء الإصلاح، ولواء المؤتمر الإسلامي الذي سيأتي ذكره لتدخل ميدان الانتخابات، لذا فإنني لا أرى في تلك الحركات الحزبية مُسرّعاً لخطوات الشعب نحو الثورة في النهاية، بل على العكس أراها مسؤولة عن تعطيل أوانها إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية.
هذه هي الحقيقة أمام التاريخ ... فلولا تدخل مصالي حاج في الأمر، لما وجدت الجزائر نفسها أمام كثير من المشكلات التي عانتها بعد الاستقلال سنة 1962 ...
ولكن فلنترك التاريخ يتابع مراحله، ولنبق في مرحلة اجتماعنا بغرفة البقال بشارع (سان جاك) من أجل تحضير أولى (مظاهرات) الحزب الوطني ... لقد اتفق الرأي على أن تكون في صورة مهرجان يقام في إحدى قاعات العمارة الكبرى التي تشغلها منظمة الماسونية الفرنسية (الشرق الكبير Le Grand orient).
كُتِب للحزب الوطني أن يكون مهده في هذا المقر، والآن بعد أربعين سنة وقد علمتني الأيام ما علمتني، يجب أن أقول إن أمراً كهذا يتركني محتاراً!
ومهما يكن في الأمر، فها نحن أولاء مجتمعون للمرة الثانية في غرفة البقال، من أجل تحضير ذلك اليوم المشهود، فكنا طرفين: من طرف (العمال) الزعيم أولاً وصديقنا صاحب الغرفة و (سي الجيلالي) الذي كان يمثل الاستقامة نفسها، و (إيماش: رأس الثور) كما كنا نسميه لحجم رأسه، وربما جاء بملامح طفولية على وجهه؛ ومن طرف الطلبة كنت مع (بن ميلاد) وتونسي آخر من كلية الصيدلة، أتذكر فقط أنه كان محدودب الظهر، وكان دوماً يذكرني بكتاب فكتور هوجو (أحدب نوتردام).
اسم الکتاب : مذكرات شاهد للقرن المؤلف : مالك بن نبي الجزء : 1 صفحة : 246