اسم الکتاب : مذكرات شاهد للقرن المؤلف : مالك بن نبي الجزء : 1 صفحة : 239
وبت سعيداً ...
وبعد ثلاثة أيام اتفق لي أن أذهب تلك الصبيحة، لأتناول القهوة بجمهورية (تريفيز) من أجل مطالعة الصحف، حالما وصلت وجلست بقاعة المطالعة إذا بشخص يتقدم، ولو كان جاءني اليوم لعرفته بنوع قبعته المكورة:
- صباح الخير، أنت السيد الصديق؟
قال هذه الكلمات وأخرج هويته: كان من البوليس.
لم يحدث في نفسي أي شعور خاص أذكره اليوم، فبقيت أنصت لرجل البوليس:
- ماذا تصنع بباريس؟
- طالب ...
وتتابعت أسئلته وأجوبتي وهو يكتب على محضر، ثم سأل سؤاله الأخير:
- من ينفق عليك؟
- أبي ...
وانقلب الرجل ذو القبعة المكورة، دون أن أضع في ذهني أي صلة بين هذا الحادث التافه ومحاضرتي أمام الطلبة، وخصوصاً بينه وبين مركز أبي الموظف الصغير بالجزائر، ولا بينه وبين مستقبلي.
وبعد بضعة أيام أخبرني (حمودة بن الساعي)، أنه بلغه من طالب جزائري، بالحي اللاتيني أن البروفسور (مسينيون) يرغب أن يراني، وربما عمد الطالب الجزائري إلى أن يبلغني الخبر عن طريق صديقي حتى لا أعرف صلته بالبروفسور، وعلى أية حال اعتراني شعور بالكبرياء لم أتنازل عنه لتلبية دعوة غير مباشرة وبالتالي فإنني فهمت مغزاها ...
اسم الکتاب : مذكرات شاهد للقرن المؤلف : مالك بن نبي الجزء : 1 صفحة : 239