responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مذكرات شاهد للقرن المؤلف : مالك بن نبي    الجزء : 1  صفحة : 240
هكذا تبتدئ الفاجعات الكبرى، بحدث تافه غالباً، ولكنني لم أكن بعد أدرك ذلك، بل لا زلت أتلذذ بانتصاري بنادي الطلبة، وأنعم باللقب الجديد الذي أهدانيه (محمد الفاسي) الذي أطلق عليَّ منذ تلك المحاضرة (زعيم الوحدة المغربية)، وأصبحت فعلاً وجهاً من وجوه هذه الوحدة، فقد اجتمعت على اسمي أغلبية أصواتها يوم ترشيح أعضاء هيئتها، ولا أدري كيف أصبح (محمد الفاسي) بعد ذلك رئيساً لها، وإنما أتذكر أن (بلفريج) والمرحوم (ثامر) أقنعاني بذلك وبأن أكون نائبه، ففضلت بدوري أن يكون (حموده بن الساعي) نائب الرئيس.
وربما كنت في تلك الفترة، أعاني أزمة نفسية تجعلني أتعالى على (مسينيون) من ناحية وأتواضع لـ (حموده بن الساعي) من ناحية أخرى.
والأمر الذي لا شك فيه هو أن السمك المفترس الصغير، كان يمزق بعض خيوط شبكة الاستعمار بينما تمزق هي أوداجه دون أن يشعر بذلك.
كانت المناقشات الفلسفية مع (حموده بن الساعي) تجري مجراها، ومضت زوجي تفتن من أجل توفير جميع وسائل الراحة لي داخل البيت حتى من الناحية الفكرية، إذ كانت تأتي على الأشياء التي أشاهدها في عالمي الجديد، بشهادة من يعرفها من داخلها. لقد كنت أرى في تلك الأشياء القيم الحضارية التي أصبحت الشغل الشاغل بالنسبة لي من الناحية النظرية، ولكن زوجي ألبستها لباسها الإنساني وصيرتها ملموسة أمامي.
لقد أصبحت في الحقيقة أعيش في الورشة المختصة بالجانب التطبيقي لملاحظاتي عن البيئة الجديدة، وبصياغة توقعي واستطلاعي الشخصي تجاهها، سواء من حيث الفكر والسلوك أو من حيث ما أزكي من فضائلها وما أرفض من رذائلها.

اسم الکتاب : مذكرات شاهد للقرن المؤلف : مالك بن نبي    الجزء : 1  صفحة : 240
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست