اسم الکتاب : مذكرات شاهد للقرن المؤلف : مالك بن نبي الجزء : 1 صفحة : 226
الورشة مع طفل صغير لقريبة من الأسرة، وكان الطفل يبتسم لي فداعبته:
- لماذا تبتسم؟
- لأن أمي قالت لي أن أبتسم للناس حتى ولو كرهتهم.
فهذا الاعتراف البريء لطفل في الثالثة أو الرابعة من عمره، واعتراف قريبته عن زلة لسان في يوم سبق، تركا في نفسي بعض الحيرة: لقد بدأت المشكلة اليهودية تتكون في ذهني.
لم تكن الجزائر بعيدة عن ذاكرتي جداً، إذ بقي بيني وبين الوطن الرابط الروحي قوياً. ما زلت أعبر عن أفكاري الإصلاحية وأفكاري الوطنية وأجهر بموقفي ضد الاستعمار، حتى في المناسبات التافهة عندما كنت أتسكع مع صديقي الباسكي، على أرصفة الشوارع الكبيرة يوم الأحد على مدار السنة، وكنا على أعقاب الشتاء في متوسط الربيع، وكانت الأشجار تنفض بقايا الجليد، وبدأت العصافير تواصل معاركها الغرامية بكل جرأة قريباً من أقدام المارة على الرصيف.
وفي هذه الأثناء وصل من تبسة (عبد المجيد خالدي)، الذي سيكون - لحسن الحظ ولسوئه- الصلة بيني وبين الحي اللاتيني، إذ أنني سأعود هنا إلى الوسط الجرائري ومشكلاته مع مشكلات العالم الإسلامي.
وفي الوقت الذي اكتشفت فيه الحي اللاتيني، كان ميداناً لصراع محتدم يقود معركته من الطرف التونسي (صالح بن يوسف وثامر وسليمان بن سليمان)، ومن الطرف المراكشي (بلفريج ومحمد الفاسي) اللذان كانا يهدفان مع الإخوان التونسيين، إلى توحيد الصف بين طلبة الشمال الإفريقي المسلمين، فأسسوا من أجل ذلك أول مركز يحمل هذا العنوان بشارع الودرو رولان).
اسم الکتاب : مذكرات شاهد للقرن المؤلف : مالك بن نبي الجزء : 1 صفحة : 226