وهذا يدل على أهمية الدعاء، وعلو شأنه، وذلك ((لأن الداعي لا يقدم على الدعاء إلا إذا عرف من نفسه الحاجة إلى ذلك المطلوب، وأنه عاجز عن تحصيله، وعرف أن ربه تبارك وتعالى يسمع الدعاء، ويعلم الحاجة، وهو قادر على إيصالها إليه، ولاشك أن معرفة العبد نفسه بالعجز، والنقص، ومعرفة ربه بالقدرة، والكمال من أعظم العبادات)) [1].
ثم قال تعالى: {إنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} يقصد تاركي الدعاء: وهذا نهاية في الكرم، وغاية في الإفضال، أنه جعل إمساكك عن دعائه ومسألته التي فها خلاصك، وصلاح دينك ودنياك، اعتداء منك)) [2].
[قال الإمام ابن كثير: ((وقال ابن جُرَيْج: يكره رفع الصوت والنداء والصياحُ في الدعاء، ويؤمر بالتضرع والاستكانة، ثم روي عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس في قوله: {إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} في الدعاء ولا في غيره.
وقال أبو مِجْلِز: {إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} لا يسأل منازل الأنبياء)) [3].
وقال الشيخ السعدي رحمه اللَّه: (({إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} أي: [1] روح المعاني، 5/ 506. [2] الدعاء المأثور، ص 38. [3] تفسير ابن كثير، 3/ 428.