ماتوا وغُيِّبَ في التراب شُخوصُهم ... والنَّشْرُ مِسْكٌ والِعظامُ رميمُ
وينصح الإمام ابن الجوزي طالب العلم قائلًا: (فسبيل طالب الكمال في طلب العلم الاطلاع على الكتب التي قد تخلفت من المصنفات، فليكثر من المطالعة، فإنه يرى من علوم القوم وعلوِّ هممهم ما يشحذ خاطره، ويحرك عزيمته للجد، وما يخلو كتاب من فائدة.
وأعوذ بالله من سير هؤلاء الذين نعاشرهم، لا نرى فيهم ذا همة عالية، فيقتدي بها المبتدي، ولا صاحبَ ورع فيستفيد منه الزاهد.
فاللهَ اللهَ وعليكم بملاحظة سير السلف، ومطالعة تصانيفهم وأخبارهم، فالاستكثار من مطالعة كتبهم رؤية لهم، كما قال:
فاتني أن أرى الديارَ بطَرْفي ... فلعلي أرى الديار بسَمْعي).
ثم بيَّن رحمه الله ثمرة مطالعة كتب الأقدمين قائلًا: (فاستفدت بالنظر فيها من ملاحظة سير القوم، وقدر هممهم، وحفظهم، وعباداتهم، وغرائب علومهم، ما لا يعرفه من لم يطالع) [1] اهـ.
* ومنها: نصيحة المخلصين: فقد قال - صلى الله عليه وسلم-: " (إن الدينَ النصيحةُ لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" (2)
- وقد يكون هذا الناصح الأمين أبًا شفيقًا:
قال سفيان بن عيينة: (قال لي أبي -وقد بلغت خمس عشرة سنة-: "إنه قد انقضت عنك شرائع الصبا، فاتبع الخير تكن من أهله"، فجعلت وصية أبي قِبْلَة أميل إليها، ولا أميل عنها).
- وقد يكون أمًّا رحيمة:
(1) "صيد الخاطر" ص (366 - 367).
(2) رواه مسلم وغيره.