فهذه أسماء ذات النطاقين توصي ابنها عبد الله بن الزبير لما استنصحها: (الله الله يا بني! إن كنت تعلم أنك على حق تدعو إليه فامض عليه، ولا تُمَكِّنْ من رقبتك غلمان بني أمية فيلعبوا بك، وإن كنت أردت الدنيا فبئس العبد أنت، أهلكت نفسك ومن معك، وإن قلت: "إني كنت على حق، فلما وهن أصحابي ضعفت نيتي"، فليس هذا فعل الأحرار ولا مَن فيه خير، كم خلودك في الدنيا؟ القتل أحسن ما يقع بك يا ابن الزبير، والله لضربة بالسيف في عِزٍّ أحبُّ إليَّ من ضربة بالسوط في ذل)، فقال: "يا أماه! أخاف إن قتلني أهل الشام أن يمثلوا بي ويصلبوني"، قالت: "يا بني إن الشاة لا يضرها السلخ بعد الذبح، فامض على بصيرتك، واستعن بالله".
- وقد يكون الناصح الأمين زوجة تحضه على الخير، وترقِّي همته، كامرأة حبيب أبي محمد التي انتبهت ليلة، وهو نائم، فأنبهته في السحر، وقالت: "قم يا رجل فقد ذهب الليل، وجاء النهار، وبين يديك طريق بعيد، وزاد قليل، وقوافل الصالحين قد سارت قُدَّامنا، ونحن قد بقينا"، أو كالزوجة الصالحة العاقلة الذكية الدَّيِّنة "مَوْضِي بنت أبي وهطان" زوجة الأمر محمد بن سعود رحمه الله، والتي كان لنصيحتها أكبر الأثر في نصرة أعظم حركة تجديدية شهدتها الأمة منذ أوائل القرن الثاني عشر الهجري حتى يومنا هذا، فإنها هي التي حثت زوجها على مناصرة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وشَدِّ أزره، وإشهارِ سيفه من غمده نصرةً لدعوة التوحيد.
- وقد يكون الناصح الأمين رجلًا من عوام المسلمين:
قال الإمام أحمد في وصف محنته: (صرنا إلى الرحبة، ورحلنا منها