إن صحبة هؤلاء تعلِّم منافسة الزمان.
وصحبة البطَّالين تعلم تضييع الزمان.
قال سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:
"اعتبروا الرجل بمن يصاحب، فإنما يصاحب الرجل من هو مثله".
فنعوذ بالله من صحبة البطَّالين) اهـ [1].
وذكر الغزالي رحمه الله أن من آداب المتأدب أن: (يحترز عن مجالسة صاحب السوء، ليُقصي ولاية شياطين الجن والإنس من صحن قلبه، فيصفى عن لوثة الشيطنة) [2].
إن من أقوى البواعث على ارتفاع الهمة أن تطلب صحبة عبد من عباد الله مجتهد في العبادة والعلم، فتلاحظ أقواله وتقتدي به، وكان بعضهم يقول: "كنت إذا اعترتني فترة في العبادة نظرت إلى أحوال محمد بن واسع وإلى اجتهاده، فعملت على ذلك أسبوعًا".
إلا أن هذا العلاج قد تعذر، إذ قد فُقِد في هذا الزمان من يجتهد في العبادة اجتهاد الأولين فينبغي أن يعدل من المشاهدة إلى السماع فلا شيء أنفع من سماع أحوالهم ومطالعة أخبارهم [3] وما كانوا فيه من الجهد الجهيد، وقد انقضى تعبهم، وبقى ثوابهم ونعيمهم أبد الآباد لا ينقطع.
(1) "سوانح وتأملات في قيمة الزمن" ص (48).
(2) " أيها الولد" ص (130). [3] ومظان ذلك كتب التراجم، "كسير أعلام النبلاء"، و"حلية الأولياء"، وغيرها.