اسم الکتاب : قصص من التاريخ المؤلف : الطنطاوي، علي الجزء : 1 صفحة : 98
الذئب والحمل [1] ... وهو يواجه بقلبه أحداث الدهر، فترتد عنه الأحداث ارتداد الموج عن صخر الشاطئ، وهو يصوغ ببيانه الحكمة العليا أدباً خالداً ...
سمع - غداة بويع بالخلافة مُكرَهاً - هدّة ارتجَّتْ منها الأرض، وكان منصرفاً من دفن أمير المؤمنين سليمان، فقال: ما هذا؟ قالوا: مراكب الخلافة قربت إليك لتركبها، بالسروج المحلاة بالذهب المرصعة بالجوهر. فقال: ما لي وما لها؟ نحّوها عني وقربوا لي بغلتي. وأمر بها أن تباع ويدخل ثمنها بيت مال المسلمين. فقُربت إليه بغلته فركبها، وجاءه صاحب الشرطة يسير بين يديه بالحربة فقال له: تنحَّ عني، ما لي وما لك؟ إنما أنا رجل من المسلمين!
ومشى بين الناس راكباً على بغلته (بلا موكب ولا حربة ولا راية ولا طبل). الرجل الذي يحكم الأندلس ومرّاكش والجزائر وتونس وطرابلس ومصر والحجاز ونجداً واليمن وسورية وفلسطين والأردن ولبنان والعراق والعجم وأرمينية والأفغان وبخارى والسند وسمرقند ... مشى ومشى الناس بين يديه حتى دخل المسجد، فقام على المنبر فقال: أيها الناس، إني قد ابتُليت بهذا الأمر من غير رأي كان مني فيه، ولا طلب له، ولا مشورة من المسلمين. وإني قد خلعت بيعتي من أعناقكم، فاختاروا لأنفسكم.
فصاح الناس صيحة واحدة: إننا اخترناك ورضينا بك. [1] انظر سيرة عمر لابن الجوزي، وسيرته لابن عبد الحكم.
اسم الکتاب : قصص من التاريخ المؤلف : الطنطاوي، علي الجزء : 1 صفحة : 98