responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : قصص من التاريخ المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 99
ومشى إلى الخضراء، وما الخضراء؟ جنة الأرض التي حُشر إليها كل ما في الأرض من كنوز وطُرَف، القصر الذي أزرت عظمتُه بالخورنق والسدير وغمدان والإيوان. فأمر بستورها فأنزلت، وببسطها ونمارقها فطُويت، وبطرفها وكنوزها فحملت، وأمر ببيع ذلك كله ووضع ثمنه في بيت المال، وأمَّ داره هذه. فقال الناس: إنه رجل صالح، ولكن الملك له أهل. إن الملك لا يقيمه إلا قوي أمين ابن دنيا.
ظنوه أمّ داره يقبع فيها يسبّح ويهلّل، فإذا به يحد قلمه ويعدّ قراطيسه، ويكتب من فوره بيده إلى أقاليم الأرض منشوراً فيه الدستور الذي لا يقوم إلا به الملك، ويُنفِذ الكتب من ساعته. فعلموا أن خليفتهم زاهد في الدنيا ولكنه ابنها وأبوها.
فَعَل ذلك كله من الصباح إلى الضحى. ثم ذهب يَقيل، فأتاه ابنه عبد الملك فقال: يا أمير المؤمنين، ماذا تريد أن تصنع؟ قال: أي بني، أقيل. قال: تقيل ولا ترد المظالم؟ قال: أي بني، إني قد سهرت البارحة في أمر عمك سليمان، وإني إذا صليت الظهر رددت المظالم. قال: يا أمير المؤمنين، مَن لك أن تعيش إلى الظهر؟ فترك مقيله وخرج فبعث مناديه ينادي: ألا من كانت له مَظلمة فليرفعها، فإني منصفه من نفسي ومن آل بيتي ومن الناس أجمعين. ولقد - والله - فعل أكثر مما قال!
نعم يا أيها الغريب، هذه دار أمير المؤمنين، فلا يغررك صغرها وضيقها وعطل أبوابها من الزخرف وجدرانها وأنه لا حاجب عليها ولا جند ببابها، فإن هذه الدار أكرم من كل قصر

اسم الکتاب : قصص من التاريخ المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 99
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست