responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نور وهداية المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 153
ما لا يقدر عليه البشر. تقول للرجل: اتّقِ الله واتبع سبيل الشرع، فيقول لك: ما لنا وللدين؟ نحن في عصر الذرّة والصاروخ والقمر الصناعي والتقدمية والرقي.
ولو عقلنا لأقررنا بعجزنا إذ لم نكشف هذه الأسرار كلها من أول يوم، ولازددنا إيماناً بالذي خبّأها لنا، والذي عنده من الأسرار ما لا يبلغ كلُّ ما اكتشفنا نقطةً من بحره.
إننا مثل ذلك الأعرابي الذي عرف قليلاً مما وضعه له صاحب الدار، فبدلاً من أن يشكره عليه ويعترف بفضله ويسعى لمعرفة المزيد أنكر عليه حقه وقصر في أدائه وامتنع عن دفع الأجرة. هذا هو المثال، ولله المَثَل الأعلى.
إن الله هو الذي خلق الكون، وهو الذي وضع فيه هذه الأسرار الهائلة وهذه القوانين الطبيعية العجيبة. إنه جعل لكل مرض دواء، ووضع ذلك أمام أعيننا كما وضع صاحبُ الدار المفروشات والأدوات أمام الأعرابي، فكنا مثله في جهالته وأمضينا الدهر الأطول فلم نبصر إلا الأقل الأقل منها، عرفناه مصادفة كما عرف الأعرابي وأولاده مفتاحَ النور وحنفيةَ الماء، لم نعرفه بخطة مرسومة ولا نهج بيّن.
ما علمنا أن في هذا العفن الأخضر مادة البنسيلين التي تقتل الجراثيم وتشفي الناس إلا من عشر سنين، مع أن هذه المادة موجودة فيه وضعها الله تحت أبصارنا من يوم خلق العالم. وهو الذي جعل في الهواء القدرة على حمل الطيارات وجعل في الذرة هذا القوة الهائلة، وكان ذلك موجوداً من أول الدنيا ولكنّا لم نعرفه

اسم الکتاب : نور وهداية المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 153
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست