responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نور وهداية المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 152
عن الأب ما كان فيه فجال معهم حتى دخلوا المطبخ، فوجدوا فيه طعاماً كثيراً طيباً لم يروا مثله ولم يعرفوا ما هو، ولكن رأوا سَواغه في حلوقهم وعرفوا خفته على بطونهم. وعبث الرجل بالحَنَفيّة فسال منها الماء، فدخل عليه الغرور ولم يبقَ عنده شك في أنه قد أصبح من السحَرة وأنه غدا فوق البشر، إذ أشعل النور بلا كبريت وأسال الماء من الحديد وعمل هذه المعجزات.
وبلغني أنه لما جاء صاحب القصر بعد ذلك يطلب الأجرة تنكّر له صلبي وجحده حقه ومنعه أجرته، وقال له: لقد كنت أتعرف إليك وأنا في عهد الشمعة والقِرْبة، أما الآن وأنا في عهد الكهرباء والحنفيات، في عهد التقدمية والرقي، فلست أعرفك.
قال: ويحك، أنا الذي بنى هذه الدار ووضع فيها أسلاك الكهرباء وأنابيب الماء، ولقد وضعت لك أشياء أُخَر أعجبَ من هذا وأغرب، فإذا كان وقوفك على مفتاح الكهرباء وحنفية الماء جعلك تنكر حقي، فكيف إذا عرفت سرّ ما بقي؟ أفما كان أولى بك أن تشكرني على ما أعددت لك وتخجل مني لأنك لبثت أسبوعاً لا تدري به، وأنك لا تعرف إلى الآن بقية ما في الدار؟ وكيف إذا عرفت المصعد فرأيت غرفة تصعد بك وتنزل، والغسّالة وهي حديد تعمل عمل الأيدي، ولو عرفت -بعدُ- الرادَّ والرائي وشريط التسجيل وهاتيك العجائب؟
* * *
يا سادة، هذا هو مثال البشر إذ يغترّ ناسٌ منهم بهذه المكتشَفات العلمية ويظنون أنهم شاركوا الله في ملكه وقدروا على

اسم الکتاب : نور وهداية المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 152
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست