ومن العقوبات تسلط الحكام الطغاة وجورهم، فلقد سلط الله تعالى على أهل هذه البلاد قبل توحيدها حكامًا طغاة ظلمة كانوا لا يرحمون الناس، ولا يبالون بما يقاسون من ويلات الجوع، والفقر وضنك العيش، وعصابات النهب والسلب، بل كانوا يرهقونهم بفرض الضرائب عليهم، ولم تكن الضرائب على الأهالي فحسب؛ بل إنها تنال كل من يطأ الأرض المقدسة قاصدًا البيت الحرام أو المسجد النبوي.
وقد انتشرت الرشوة، ودب الفساد بين العباد في ذلك الزمان، وخلاصة القول أن الحوادث والفتن وضنك العيش، وعدم الاستقرار، والخوف والفرقة والفقر والجهل، وانتشار الأمراض والأوبئة كانت هي السمات البارزة لمجتمعات وأقاليم هذه البلاد قبل توحيدها.
وقد أفاض في ذكرها كثير المؤرخين المنصفين، وباتت معروفة لدى كثير من الناس، والسبب الأعظم هو ترك طاعة الله، والوقوع في معصيته، وعلى رأس ذلك كله ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فلما أراد الله -تبارك وتعالى- رحمة البلاد والعباد جمع شمل هذه البلاد، ووحد صفها تحت يد الملك عبد العزيز -رحمه الله- فلما توحدت البلاد، ورجع الناس إلى دين الله وتوحيده، واجتهدوا في طاعته وتركوا معصيته، وأقاموا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر غيَّر الله حالهم إلى أحسن حال.
ولمعرفة حال البلاد بعد توحيدها، وقيام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيها، وما آل إليه أمرها من الأمن والأمان والرخاء نقول: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم الوسائل لإصلاح المجتمع وتزكيته، وتحقيق أمنه واستقراره هو العصمة المناعة الرادعة عن وقوع كثير من الجرائم