عن المنكر، ولعدم وجود سلطة قوية تتولى إقامة الشريعة، وتعاقب الخارجين على النظام وتقيم الحدود وذلك مصداقا لقول الله تعالى: {وَات َّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَاب} (الأنفال: 25).
ولما ورد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه أبو بكر -رضي الله عنه- حيث يقول: إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب)).
ولما رواه حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابًا منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم)).
وكان الفقر يسود معظم المناطق، وكان الجوع منتشرًا بين سكانها مما جعل البادية يغيرون على سكان القرى والمدن، وينهبون الأموال ويسلبون المواشي والثمار، وهذا كان نتيجة الجدب والقحط وقلة الأمطار، وقلة موارد العيش.
يقول حسين محمد نصيب واصفًا الحال في الحجاز في ذلك الزمان: "فترى البعض من آل الطبقة الوسطى يجول في الشوارع طالبًا ما يمسك الرمق، ويسد الخلة، فكيف بالفقراء الضعفاء".
أما في مكة فلقد ضاقت الأزمة ضيقًا شديدًا، وانقطعت الأرزاق عنها وقلت الدراهم عنها حتى كادت تقع في خطر عظيم، وقد وصلت الحال بأهل البلاد إلى حالة من الجوع والفقر وضنك العيش مما جعل كثيرًا منهم يغادر وطنه، ويذهب إلى البلاد الأخرى المجاورة طلبًا للعيش، وما كان ذلك كله إلا بسبب الذنوب والمعاصي، وعلى رأسها التخلي عن القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.