وكان الحجاز محطة لعصابات النهب والسلب وخصوصًا في موسم الحج مما جعل بعض الحجاج يكتبون وصاياهم قبل سفرهم، ويصطحبون معهم أكفانهم لتوقعهم الهلاك؛ حيث كان الحج آنذاك مظنة هلاك نتيجة الفوضى والاضطراب، واختلال الأمن حتى قيل في الأمثال: "الذاهب مفقود والعائد مولود".
ومما يدل على ذلك الاختلال ما سطره الشاعر أحم د شوقي -رحمه الله- في قصيدة له بعثها للسلطان عبد الحميد يصف فيها اختلال الأمن في الحجاز وحالة الحجيج، فيقول:
ضَجَّ الحِجازُ وَضَجَّ البَيتُ وَالحَرَمُ ... وَاِستَصرَخَت رَبَّها في مَكَّةَ الأُمَمُ
أُهينَ فيهاضُيوفُ اللَهِ وَاِضطُهِدوا ... إِن أَنتَ لَم تَنتَقِم فَاللَهُ مُنتَقِمُ
أَفي الضُحى وَعُيونُ الجُندِ ناظِرَة ... تُسبى النِساءُ وَيُؤذى الأَهلُ وَالحَشَمُ
وَيُسفِكُ الدَمُ في أَرضٍ مُقَدَّسَةٍ ... وَتُستَباحُ بِها الأَعراضُ وَالحُرَمُ
الحج ركن من الإسلام نكبره ... واليوم يوشك هذا الركن ينهدم
ويقول الشيخ عبد القادر عودة -رحمه الله- واصفًا حالة الفوضى واختلال الأمن في الحجاز في تلك الفترة: "ولا يزال الناس يذكرون كيف كان الأمن مختلًّا في الحجاز، بل كيف كان الحجاز مضرب الأمثال في كثرة الجرائم وشناعة الإجرام، فقد كان المسافر فيه كالمقيم لا يأمن على ماله، ولا على نفسه في بدو أو حضر في نهار وليل، وكانت الدول ترسل مع رعاياها الحجاج قوات مسلحة؛ لتأمين سلامتهم، ورد الاعتداء عنهم، وما كانت هذه القوات الخاصة، ولا القوات الحجازية قادرة على إعادة الأمن، وكبح جماح العصابات، ومنعها من سلب الحجاج أو الرعايا الحجازيين وخطفهم والتمثيل بهم".