الأموال والأغنام، وكان ذلك في عرف هذه القبائل جائزًا ويعتبرونه غنيمة، فالقوي يأكل الضعيف، بل يعتبرون ذلك ضربًا من ضروب الشجاعة ويفتخرون به، وخصوصًا في بادية نجد والشمال.
وكانت الفوضى ضاربة بأطنابها في هذه المجتمعات غير آبهة بشرع أو دين إلا ما يمليه عليها الهوى والشهوات.
كما كان الجهل بأمور الشرع وأحكامه سائدة، وكانت الخرافات منتشرة بين أهل تلك البلاد، وقد كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضعيفًا في كثير من مدن وقرى شبه الجزيرة العربية قبل توحيدها من قبل الملك عبد العزيز -رحمه الله- بل إنه لا يكاد يوجد إلا في بعض البلدان والأمن مفقود، والخوف منتشر في تلك البلاد حيث كانت تسودها الفوضى والسلب والنهب من أبناء البادية، وغيرهم مما جعل أهل القرى والبلدان يبنون أسوارًا حول قراهم، ويجعلون عليها بوابات تغلق ليلًا كما يشيدون أبراجًا وحصونًا لحماية بلدانهم مع وضع نقاط مراقبة على الجبال المحيطة بالبلدة أو القرية خوفًا من الغارات، ولا يزال بعض هذه الحصون والأبراج موجودًا حتى الآن مما يدل على انتشار الخوف واضطرا ب الأمن آنذاك.
ولم يكن الوضع في إقليم الحجاز بأفضل منه في سائر أرجاء الجزيرة العريبة، بل كانت الفوضى منتشرة في هذا الإقليم، وكان الحجاج القادمون إلى بيت الله الحرام لا يأمنون على أنفسهم وأموالهم نتيجة إغارة القبائل المجاورة لمكة على قوافلهم أو من بعض اللصوص وقطاع الطرق المتربصين بتلك الحملات والقوافل على طول طريقها؛ فلا يستطيع الحجاج العبور إلى مكة إلا أن تكون القافلة قوية، ومزودة بسلاح، أو هناك من يحيمها من القبائل المجاورة لقاء دفع مبالغ معينة، وهي المعروفة بالإتاوات.