اسم الکتاب : الشورى فريضة إسلامية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 189
- كما قص علينا القرآن الكريم استفادة ولد آدم من الغراب ولومه لنفسه لأنه لم يهتد إلى ما اهتدى إليه الغراب قال تعالى: " فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ * فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ " (المائدة , آية: 30 - 31). فإذا كان هذا مع الهدهد والغراب , فكيف بنا مع الإنسان بكل ما وهبه الله من قدرات عقلية وفكرية, ومن قدرة على تطوير التجارب والخبرات, وبما هو مثبوت فيه وفي تاريخه من تراث الأنبياء وآثارهم ومن حكمة الحكماء وآرائهم [1].
- حفر الخندق:
وفي السيرة النبوية , لما اجتمعت الأحزاب - في غزوة الخندق على غزو المسلمين واستئصالهم , جاءت فكرة حفر الخندق حول المدينة , لمنع الجيوش الغازية من دخولها وهذا أسلوب كان يستعمله الفرس , وكان الذي أشار بذلك سلمان - فيما ذكر أصحاب المغازي - فقد قال لرسول الله صلى عليه وسلم: إنا كنا بفارس إذا حوصرنا خندقنا علينا , فأمر النبي صلي الله عليه وسلم بحفر الخندق حول المدينة , وعمل فيه بنفسه [2].
ولم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعونا من فارس , ودعونا من أساليب المجوس المشركين [3].
وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يكتب إلى ملوك زمانه ((قيصر , وكسرى والنجاشي)) قيل له: إنهم لا يقبلون كتاباً إلا بخاتم , فصاغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتماً حلقته فضة ونقش فيه ((محمد رسول الله)) [4].
وفي صحيح مسلم , من نماذج هذا التوجه والانفتاح الحضاري والاستفادة من الشعوب الأخرى. [1] - المصدر نفسه ص 150. [2] - فتح الباري (8\ 148). [3] -الشورى للريسوني ص 151. [4] -مسلم والبخاري.
اسم الکتاب : الشورى فريضة إسلامية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 189