وقد ذم الله تعالى التعرض للمسلم بما يقدح في سلامته، ولو بالظن، إذا لم يكن لهذا الظن ما يبرره، فقال تعالى: {إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} (الحجرات: 12).
ورأى العلماء في الآية ما يشير إلى وجود ظن يأثم فيه المرء، وآخر لا يأثم فيه، فاجتهدوا في بيان الفرق بينهما، فقال عيسى بن دينار في الظن المذموم: "يريد ظن السوء ومعناه أن تعادي أهلك وصديقك على ظن تظنه به دون تحقيق، أو تحدث بأمر على ما تظنه فتنقله على أنك قد علمته" [1].
وهكذا فإن الحكم على الناس بمجرد الظن دون استدلال بدليل هو الظن الآثم، وقد قال عز وجل: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} (الإسراء: 36).
ومن الظن المحرم ما يؤدي بصاحبه إلى التجسس والتوثق للظنون، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا وكونوا عباد الله إخواناً» [2]، فالمراد "ترك تحقيق الظن [1] المنتقى شرح الموطأ (4/ 299). [2] أخرجه مسلم ح (2563).