أقول بكل ثقة، إن من لم يحب مثل هذا الرسول، ومثل هذا المحمود، ومثل هذا الوجود ذي الجود، ومثل هذا المصطفى، ومثل هذا المجتبى فكأنه حقا لم يحب هذه الأخلاق والصفات وبالتالي فإنه لا يصلح لأن يتصف هو بهذه الصفات ونعوذ بالله من هذا ... ... ..
تعالوا نحبه ونتعلم الحب ممن اختارهم الله لمحبة حبيبه وصحبة نبيه.
وليعلم أن المحبة هي التي تعلمنا الأدب والاحترام، وتحثنا على الطاعة والاستسلام، ولا يكون التعظيم تعظيما إلا إذا نشأ عن المحبة، ولا يكون الإكرام إكراما إلا إذا نبع عن المحبة.
كانت قريش قد بعثت عروة بن مسعود رسولا إلي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأوصته قبل صلح الحديبية بأن ينظر حال المسلمين ويخبرهم بها، فلما جاء عروة النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيما له. فلما رجع عروة إلى أصحابه حكى لهم ذلك وقال: أي قوم! لقد وفدت على الملوك، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله ما رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه مثلما يعظم أصحاب محمد محمدا.
عن عائشة قالت: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إنك لأحب إلي من نفسي، وأحب إلي من أهلي، وأحب إلي من ولدي، وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتيك فانظر إليك، وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين، وإن دخلت الجنة خشيت أن لا أراك، فلم يرد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى نزلت عليه: {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا} (سورة النساء: 69).
وفي حديث آخر: كان رجل عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ينظر إليه لا يطرف فقال: "ما بالك؟ " قال: بأبي أنت وأمي، أتمتع من النظر إليه فإذا كان يوم القيامة رفعك الله بتفضيله، فأنزل الله: {ومن يطع الله والرسول ..} الآية.