الخلق قبل بعثته في ضوء تجربتها معه التي دامت خمس عشرة سنة فقالت: "إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق " [1].
2 - وعن أبي قتادة قال: قدم وفد النجاشي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقام يخدمهم فقال أصحابه: نحن نكفيك يا رسول الله؟ فقال: " إنهم كانوا لأصحابنا مكرمين وإني أحب أن أكافئهم ".
3 - قال أنس رضي الله عنه: خدمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين فما قال لي أف قط، وما قال لشيء صنعته لم صنعته، ولا لشيء تركته لم تركته.
وعنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أحسن الناس خلقا، فأرسلنى يوما لحاجة فقل: والله لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، فخرجت حتى أمر على الصبيان وهم يلعبون في السوق فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قبض بقفاي من ورائي قال: فنظرت إليه وهو يضحك فقال: " يا أنس أذهبت حيث أمرتك " قال قلت: نعم أنا أذهب يا رسول الله، (2)
4 - وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - كثير السكوت، لا يتكلم في غير حاجة، وكان كلامه فصلا، لا فضول ولا تقصير، مجلسه مجلس حلم وحياء وخير وأمانة، وجل ضحكه التبسم وكان ضحك أصحابه عنده التبسم.
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - معروفا بالصدق لدى الناس حتى قال النضر بن الحارث وكان من ألد الأعداء لقريش: قد كان محمد " منذ صباه " أرضاكم فيكم وأصدقكم حديثا وأعظمكم أمانة، حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب وجاءكم بما جاءكم به قلتم: ساحر، لا والله ما هو بساحر.
وباختصار إن الخوض في هذا البحر الزاخر محال، وغاية القول: هل يليق بنا أن نحب من يهدي إلى هذه الأخلاق الفاضلة ومن يحمل هذه المحاسن الجميلة وصاحب هذه الأقوال الشريفة ومصدر هذه السجايا الحميدة أم لا؟ [1] أخرجه البخاري في كتاب مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(2) أخرجه الشيخان.