لا يشركون بي شيئا} (سورة النور: 55).
إذا تأملنا هذه الآية وضحت لنا الأمور التالة:
(الف) المخاطبون في هذه الآية هم من كانوا يتصفون قبل نزولها بصفة الإيمان والعمل الصالح.
ب - وعد الله في هذه الآية باستخلاف المؤمنين في الأرض.
ج - هذه الخلافة هبة من عند الله.
د - هذا الاستخلاف إنما يكون في تلك الأرض التي استخلف الله فيها عباده الصالحين من قبل.
هـ - من علامات هذه الخلافة تمكن دين الله الذي ارتضى لهم فيها.
و- ومن علاماتها أيضا قيام الأمن والسلام وتلاشي الخوف والذعر.
ز - الذين يتولون أمور الخلافة هم من عباد الله المخلصين العابدين.
ح - دخل في هذا الوعد أكثر من مسلمين اثنين فإن الضمير في قوله " ليستخلفنهم " للجمع وصيغة الجمع في العربية تكون لأكثر من اثنين.
ويجب هنا تعيين زمن نزول هذه الآية، فهذه الآية من سورة النور، وسورة النور مشتملة على قصة الإفك التي وقعت في غزوة المريسيع في سنة خمس من الهجرة. وأما السر في ذكر الخلافة بعد ذكر قصة الإفك فهو أنه لما أحزن المفترون الكذابون قلب أبي بكر، ونالوا منه، كان وعد الله بالخلافة، وفرج بذلك عن كربه وخفض من حزنه ولله الحجة الباقية، فكانت النتيجة أن الآية نزلت في السنة الخامسة من الهجرة وترتب عليها أن اختير للخلافة من الصحابة من سبقوا إلى الإسلام، واتصفوا بصفة الإيمان والعمل الصالح قبل السنة الخامسة للهجرة.
فهؤلاء الخلفاء الأربعة أسلم كل منهم قبل السنة الخامسة بكثير فيدخل فيهم الحسن رضي الله عنه الذي كانت مدة خلافته تسعة أشهر لأنه تكرم بالإسلام في السنة الثالثة من الهجرة ومن الناحية التاريخية كان أبو بكر وعمر هما أول من استخلفا في الأرض في الإسلام، وبما أن الفضل في خلافة الخلفاء الأربعة يرجع إلى إيمانهم بمحمد - صلى الله عليه وسلم - فإن آية الاستخلاف لا تدل إلا على فضل النبي - صلى الله عليه وسلم -.