responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 478
- المَسْأَلَةُ الحَادِيَةَ عَشَرَةَ) قَوْلُهُ تَعَالَى - فِي الحَدِيْثِ القُدُسِيِّ - (كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ) [1]، يُشْكِلُ مَعَ حَدِيْثِ أَبِي هُرَيْرَةَ المَرْفُوْعِ (كُلُّ مَوْلُوْدٍ يُوْلَدُ عَلَى الفِطْرَةِ فأَبَوَاه يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ) [2] مِنْ جِهَةِ حُصُوْلِ الهِدَايَةِ ابْتِدَاءً. فَمَا الجَوَابُ؟
الجَوَابُ هُوَ مِنْ وَجْهَيْنِ:
1) أَنَّ الخِطَابَ فِي الحَدِيْثِ الأَوَّلِ هُوَ عَنِ المُكَلَّفِيْنَ الَّذِيْنَ تَبَيَّنَ سَعْيُهُم، وَاخْتَارُوا طَرِيْقَهُم، بَيْنَمَا الحَدِيْثُ الآخَرُ الكَلَامُ فِيْهِ عَنِ الَّذِيْنَ لَمْ يُكَلَّفُوا بَعْدُ.
2) أَنَّ مَعْنَى الفِطْرَةِ فِيْ هَذَا الحَدِيْثِ الثَّانِي هُوَ الاسْتِعْدَادُ لِقَبُوْلِ الإِسْلَامِ [3]، وَلَيْسَ هُوَ نَفْسَ الإِسْلَامِ.

[1] رَوَاهُ أَبُوْ ذَرٍّ مَرْفُوْعًا، وَهُوَ قُدُسِيٌّ. صَحِيْحِ مُسْلِمٍ (2577).
[2] البُخَارِيُّ (1358)، وَمُسْلِمٌ (2658).
[3] قَالَ الحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ الحَنْبَلِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (جَامِعُ العُلُوْمِ وَالحِكَمِ) (39/ 2): (قَدْ ظَنَّ بَعْضُهُمْ (أَيْ فِي الحَدِيْثَ الأَوَّلَ) أَنَّهُ مُعَارِضٌ لِحَدِيثِ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَقُوْلُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ) وَفِي رِوَايَةٍ (مُسْلِمِيْنَ فَاجْتَالَتْهُمُ الشَّيَاطِيْنُ) وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ اللهَ خَلَقَ بَنِي آدَمَ، وَفَطَرَهُمْ عَلَى قَبُوْلِ الإِسْلَامِ، وَالمَيْلِ إِلَيْهِ دُوْنَ غَيْرِهِ، وَالتَّهَيُّؤِ لِذَلِكَ، وَالِاسْتِعْدَادِ لَهُ بِالقُوَّةِ، لَكِنْ لَا بُدَّ لِلْعَبْدِ مِنْ تَعْلِيْمِ الإِسْلَامِ بِالفِعْلِ، فَإِنَّهُ قَبْلَ التَّعْلِيْمِ جَاهِلٌ لَا يَعْلَمُ شَيْئًا كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُوْنِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُوْنَ شَيْئًا} (النَّحْل:78)، وَقَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} (الضُّحَى:7)، وَالمُرَادُ: وَجَدَكَ غَيْرَ عَالِمٍ بِمَا عَلَّمَكَ مِنَ الكِتَابِ وَالحِكْمَةِ).
قُلْتُ: وَحَدِيْثُ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ هُوَ فِي صَحِيْحِ مُسْلِمٍ (2865) مَرْفُوْعًا.
- المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشَرَةَ) مَا حُكْمُ قَوْلِ القَائِلِ (حَصَلَ هَذَا الأَمْرُ الفُلَانِيُّ صُدفَةً)؟
الجَوَابُ: حُكْمُهُ يَخْتَلِفُ بِحَسْبِ مَنْ يُنْسَبُ إِلَيْهِ العَمَلُ، فَإِنْ كَانَ فِي حَقِّ العَبْدِ فَهُوَ صَحِيْحٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ العَبْدَ لَا يَعْلَم الغَيْبَ، وَإِنَّمَا يُجْرِي سَائِرَ أَعْمَالِهِ وُفْقَ ظَنِّهِ فِيْهَا، فَهُوَ مِنْ جِهَةِ الوَاقِعِ يُصَادِفُ أَشْيَاءَ بِغَيْرِ حُسْبَانٍ لَهَا، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ حَدِيْثُ البُخَارِيِّ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشْكُو إِلَيْهِ مَا تَلْقَى فِي يَدِهَا مِنَ الرَّحَى، وَبَلَغَهَا أَنَّهُ جَاءَهُ رَقِيقٌ، فَلَمْ تُصَادِفْهُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ، فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ، قَالَ: فَجَاءَنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْنَا نَقُومُ، فَقَالَ: (عَلَى مَكَانِكُمَا) فَجَاءَ فَقَعَدَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا، حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى بَطْنِي، فَقَالَ: (أَلاَ أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَا؟ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا - أَوْ أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا - فَسَبِّحَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ). (1)
أَمَّا إِنْ كَانَ الأَمْرُ فِي حَقِّ اللهِ تَعَالَى فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ، لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى كُلّ شَيْءٍ عِنْدَهُ مَعْلُوْمٌ وَهُوَ بِقَدَرٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (القَمَر:49).

[1] صَحِيْحُ البُخَارِيِّ (5361).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 478
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست