responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 479
المُلْحَقُ العَاشِرُ عَلَى كِتَابِ التَّوْحِيْدِ) لَمْحَةٌ عَنِ الفِرَقِ الضَّالَّةِ فِي العَقِيْدَةِ (1)
- مُقَدِّمَةٌ:
عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُوْنَ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي. فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللهُ بِهَذَا الخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: (نَعَمْ). قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: (نَعَمْ، وَفِيْهِ دَخَنٌ). قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: (قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ). قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: (نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوْهُ فِيْهَا). قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، صِفْهُمْ لَنَا. فَقَالَ: (هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُوْنَ بِأَلْسِنَتِنَا). قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: (تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِيْنَ وَإِمَامَهُمْ). قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ؟ قَالَ: (فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ المَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ). رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [2] (3)
إِنَّ مَعْرِفَةَ الفِرَقِ وَمَذَاهِبِهَا وَشُبُهَاتِهَا؛ وَمَعْرِفَةَ الفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ - أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ - وَمَا هِيَ عَلَيْهِ؛ هُوَ أَمْرٌ ضَرِوْرِيٌّ لِلمُسْلِمِ، لِأَنَّ هَذِهِ الفِرَقَ الضَّالَّةَ عِنْدَهَا شُبُهَاتٌ ومُغْرَيَاتُ تَضْلِيْلٍ؛ قَدْ يَغْتَرُّ الجَاهِلُ بِهَا وَيَنْخَدِعُ؛ فَيَنْتَمِي إِلَيهَا.
وَعَنِ العِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ؛ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيْغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا العُيُوْنُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا القُلُوْبُ. فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُوْلَ اللهِ كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ؛ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ فَقَالَ: (أُوصِيْكُمْ بِتَقْوَى اللهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيْرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ المَهْدِيِّيْنَ الرَّاشِدِيْنَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُوْرِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ). (4)
وَقَالَ تَعَالَى: {وَالسَّابِقُوْنَ الأَوَّلُوْنَ مِنَ المُهَاجِرِيْنَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِيْنَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ} (التَّوْبَة:100).
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرو بْنِ العَاصِ مَرْفُوْعًا ((وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِيْنَ مِلَّةً، كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلَّا مِلَّةً وَاحِدَةً)، قَالُوا: وَمَنْ هِيَ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟ قَالَ: (مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي)). (5)
وَإِنَّ أُصُوْلَ البِدَعِ أَرْبَعُ طَوَائِفَ، وَسَائِرُ الثِّنْتَيْنِ وَالسَّبْعِيْنَ فِرْقَةً عَنْ هَؤْلَاءِ تَفَرَّقُوا، وَهُمُ: الخَوَارِجُ، وَالرَّوَافِضُ، وَالقَدَرِيَّةُ، وَالمُرْجِئَةُ. (6)

(1) وَهِيَ عَلَى سَبِيْلِ الاخْتِصَارِ وَالإِجْمَالِ تَتْمِيْمًا لِشَرْحِ كِتَابِ التَّوحِيْدِ.
[2] البُخَارِيُّ (7084)، وَفِي رِوَايَةٍ (فَإِنْ لَمْ تَرَ خَلِيْفَةً؛ فَاهْرُبْ فِي الأَرْضِ حَتَّى يُدْرِكَكَ المَوْتُ وَأَنْتَ عَاضٌّ عَلَى جِذْلِ شَجَرَةٍ). رَوَاهُ أَبْو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ (444). الصَّحِيْحَةُ (2739).
(3) قَالَ ابْنُ بَطَّال رَحِمَهُ اللهُ - عِنْدَ بَابِ: كَيْفَ الأَمْرُ إِذَا لَمْ تَكُنْ جَمَاعَةٌ -: (مُرَادُ البَابِ الحَضُّ عَلَى الاعْتِصَامِ بِالجَمَاعَةِ، ... وَالمُرَادُ: بِالجَمَاعَةِ أَهْلُ الحَلِّ وَالعَقْدِ مِنْ كُلِّ عَصْرٍ). اُنْظُرْ كِتَابَ (فَتْحُ البَارِي) (316/ 13) لِلحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ.
وَقَالَ الكِرْمَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: (مَقْتَضَى الأَمْرِ بِلُزُوْمِ الجَمَاعَةِ أَنَّهُ يَلْزَمُ المُكَلَّفَ المُتَابَعَةُ لِمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ المُجْتَهِدُوْنَ، وَهُمُ المُرَادُ بِقَوْلِهِ: وَهُمْ أَهْلُ العِلْمِ). (فَتْحُ البَارِي) (316/ 13) لِلحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي سُنَنِهِ (37/ 4): (وَتَفْسِيْرُ الجَمَاعَةِ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ هُمْ: أَهْلُ الفِقْهِ وَالعِلْمِ وَالحَدِيْثِ).
وَقَالَ البُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي صَحِيْحِهِ (21/ 6): (بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} وَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلُزُوْمِ الجَمَاعَةِ؛ وَهُمْ أَهْلُ العِلْمِ).
وَقَالَ أَيْضًا رَحِمَهُ اللهُ (101/ 9): (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِيْنَ عَلَى الحَقِّ يُقَاتِلُوْنَ)؛ وَهُمْ أَهْلُ العِلْمِ).
وَبَوَّبَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي صَحِيْحِ مُسْلِمٍ (1475/ 3): (بَابُ الأَمْرِ بِلُزُوْمِ الجَمَاعَةِ عِنْدَ ظُهُوْرِ الفِتَنِ، وَتَحْذِيْرِ الدُّعَاةِ إِلَى الكُفْرِ).
(4) صَحِيْحٌ. التِّرْمِذِيُّ (2676). صَحِيْحُ الجَامِعِ (2549).
(5) حَسَنٌ. التِّرْمِذِيُّ (2641). صَحِيْحُ الجَامِعِ (9474).
(6) انْظُرْ كِتَابَ (الاعْتِصَامُ) (720/ 2) لِلشَّاطِبِيِّ، وَكِتَابَ (فَتْحُ البَارِي) (344/ 13) لِلحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ رَحِمَهُمَا اللهُ؛ عِنْدَ شَرْحِ بَابِ مَا جَاءَ فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمَّتَهُ إِلَى تَوْحِيْدِ اللهِ تَعَالَى.
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 479
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست