responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 414
- الفَصْلُ الرَّابِعُ: شُبُهَاتٌ وَالجَوَابُ عَلَيْهَا:
- الشُّبْهَةُ الأُوْلَى) اسْتِسْقَاءُ عُمَرَ بِالعَبَّاسِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا:
رَوَى البُخَارِيُّ (أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؛ كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيكَ بِنَبِيِّنَا؛ فَتَسْقِيْنَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا، قَالَ: فَيُسْقَوْنَ) [1]، فَيَفْهَمُوْنَ مِنْ هَذَا الحَدِيْثِ أَنَّ تَوَسُّلَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِنَّمَا كَانَ بِجَاهِ العَبَّاسِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَمَكَانَتِهِ عِنْدَ اللهِ سُبْحَانَهُ، وَأَنَّ تَوَسُّلَهُ هُوَ مُجَرَّدُ ذِكْرٍ مِنْهُ للعَبَّاسِ فِي دُعَائِهِ؛ وَأَنَّهُ فَقَط طَلَبٌ مِنْهُ للهِ أَنْ يَسْقِيَهُم مِنْ أَجْلِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم، وَقَدْ أَقَرَّتْهُ الصَّحَابَةُ عَلَى ذَلِكَ! فَأَفَادَ - بِزَعْمِهِم - مَا يَدَّعُوْنَ.
وَأَمَّا سَبَبُ عُدُوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ التَّوَسُّلِ بِالرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِزَعْمِهِم أَيْضًا - وَتَوَسُّلِهِ بَدَلًا مِنْهُ بِالعَبَّاسِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؛ فَإِنَّمَا كَانَ لِبَيَانِ جَوَازِ التَّوَسُّلِ بِالمَفْضُولَ مَعَ وُجُوْدِ الفَاضِلِ لَيْسَ إِلَّا! أَوْ لَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ حَدِيْثُ الضَّرِيْرِ! (2)
وَالجَوَابُ ([3]):
أَنَّ قَوْلَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ السَّابِقَ (وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا) فِيْهِ تَقْدِيْرٌ، فَإِمَّا أَنْ يَكُوْنَ (نَتَوَسَّلُ إِلَيكَ بِجَاهِ عَمِّ نَبِيِّنَا) وَإِمَّا أَنْ يَكُوْنَ (نَتَوَسَّلُ إِلَيكَ بِدُعَاءِ عَمِّ نَبِيِّنَا) وَالصَّوَابُ قَطْعًا هُوَ الثَّانِي، وَذَلِكَ لِعِدَّةِ مُلَاحَظَاتٍ:
1) أَنَّ النُّصُوْصَ الشَّرْعِيَّةَ يُفَسِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَذَلِكَ بِكَوْنِ الأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ قَدْ تَضَافَرَتْ عَلَى أَنَّ التَّوَسُّلَ بِالصَّالِحِيْنَ كَانَ بِإِتْيَانِهِم؛ فَيَدْعُوْنَ لَهُم، وَيُرْشِدُ إِلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوْكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُوْلُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّابًا رَحِيْمًا} (النِّسَاء:64). (4)
2) أَنَّ المُقَارَنَ بِهِ فِي التَّوَسُّلِ كَانَ (إِنَّا كُنَا نَتَوَسَّلُ إِلَيكَ بِنَبِيِّنَا، فَتَسْقِيْنَا) فَإِذَا عُلِمَتْ صِفَةُ هَذَا التَّوَسُّلِ الأَوَّلِ عُلِمَتْ صِفَةُ الآخَرِ - وَهُوَ مَوْضُوْعُ النِّزَاعِ -، وَالنَّاظِرُ فِي السُّنَّةِ يَجِدُ أَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم لَمَّا قَحَطَوا جَاءَ بَعْضُهُم إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطَلَبَ مِنْهُ الدُّعَاءَ، وَلَو كَانَ المَقْصُوْدُ هُوَ التَّوَسُّلَ بِالجَاهِ لَبَقِيَ الطَّالِبُ فِي دَارِهِ وَتَوَسَّلَ بِهِ! - إِذْ إِنَّ الجَاهَ مَوجُوْدٌ فِي كِلَا الحَالَتَيْنِ كَمَا لَا يَخْفَى -. (5)
3) أَنَّ العَبَّاسَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عِنْدَمَا تَوَسَّلُوا بِهِ قَامَ فَدَعَى [6]، فَبَانَ بِذَلِكَ أَنَّ تَوَسُّلَهُ هُوَ الدُّعَاءُ.

[1] البُخَارِيُّ (1010) عَنْ أنسٍ.
(2) وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ قَرِيْبًا.
[3] بِتَصَرُّفٍ يَسِيْرٍ وَزِيَادَةٍ عَمَّا فِي الأَصْلِ.
(4) وَلِتَمَامِ الفَائِدَةِ رَاجِعْ مَسْأَلَةَ قِصَّةِ العُتْبِيِّ فِي مُلْحَقِ (قَوَاعِدُ ومَسَائِلُ فِي التَّبَرُّكُ والبَرَكَةُ).
(5) وَقَد سَبَقَ أَثَرُ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي إِتْيَانِ الأَعْرَابِيِّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَخْطُبُ - فَطَلَبَ مِنْهُ الاسْتِسْقَاءَ لَهُم.
[6] نَقَلَهُ الحَافِظُ العَسْقَلَانُّي رَحِمَهُ اللهُ فِي الفَتْحِ (3/ 150) حَيثُ قَالَ: (وَقَدْ بَيَّنَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي الأَنْسَابِ صِفَةَ مَا دَعَا بِهِ العَبَّاسُ فِي هَذِهِ الوَاقِعَةِ وَالوَقْتَ الَّذِيْ وَقَعَ فِيْهِ ذَلِكَ، فَأَخْرَجَ بِإِسْنَادٍ لَهُ أَنَّ العَبَّاسَ لَمَّا اسْتَسْقَى بِهِ عُمَرُ قَالَ: (اللَّهُمَّ إِنَّهُ لَمْ يَنْزِلْ بَلَاءٌ إِلَّا بِذَنْبٍ وَلَمْ يُكْشَفْ إِلَّا بِتَوْبَةٍ، وَقَدْ تَوَجَّهَ القَوْمُ بِيَ إِلَيْكَ لِمَكَانِي مِنْ نَبِيِّكَ، وَهَذِهِ أَيْدِيْنَا إِلَيْكَ بِالذُّنُوْبِ، وَنَوَاصِيْنَا إِلَيْكَ بِالتَّوْبَةِ فَاسْقِنَا الغَيْثَ)، فَأَرْخَتِ السَّمَاءُ مِثْلَ الجِبَالِ حَتَّى أَخْصَبَتِ الأَرْضُ وَعَاشَ النَّاسُ).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 414
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست